تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1– الزينة هي الحلي نفسها. وما ظهر منها هو الكحل والخاتم، وقيل الثياب. وهذا تفسير يؤيده قوله تعالى ? غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ? ويدعمه ما تعارف الناس عليه في تعريفهم للحلي. ولكنه لا يصح هنا لأن إبداء تلك الحلي جائزٌ في أي حال. ويستدلون بتفسير ينسبونه لعبد الله بن مسعود ?.

ويستشهدون بقوله تعالى ? خذوا زينتكم عند كل مسجد ?، إذ ثبت في صحيحي البخاري ومسلم أنها نزلت في المشركين الذين كانوا يطوفون في المسجد الحرام عراة. فصح أن معنى الزينة هو الثياب التي تستر العورة، لا الثياب الفاخرة كما ذكر ابن خزيمة في صحيحه (4\ 208). قلت: إن كانت الزينة في الآية الثانية معناها الثياب، فلا يعني هذا أن الزينة لا تعني في القرآن إلا الثياب. قال الله تعالى: ? المال والبنون زينة الحياة الدنيا ?. ثم لو فرضنا أن المقصود بالزينة هنا الثياب، لما استقام معنى الآية. إذ لصار المعنى لا يبدين ثيابهن إلا ما ظهر منها! فما معنى الاستثناء الأخير؟ أليس بهذا التفسير الخاطئ يصبح استثناء ما ظهر منها لا فائدة منه؟ وحاشى كلام ربنا –سبحانه وتعالى– من ذلك.

وماذا يفعل أنصار هذا التأويل بقوله تعالى في حق أمهات المؤمنين (في سورة النور 60) أن يخرجن ? غير متبرجات بزينة ?. فكيف يفسرونها وهم يقولون بأن الزينة هي الثياب؟! وأما لو زعموا أن الزينة هي الحلي لكان تحريمهم لذلك مخالفاً لما اتفق عليه علماء المسلمين من جواز لبس المرأة للحلي. وكانت النساء يخرجن لصلاة العيد في حليهن، فيعظهن رسول الله ? فيلقين من حليهن ويتصدقن بها. ولم ينهاهن رسول الله ? عن لبس الحلي. بل إنهم لعاجزين عن تفسير قوله تعالى ? ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن ?. لأن معناه سيكون: ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من ثيابهن!! وهذا تفسير لا يقوله عاقل.

2– قيل: المراد بالزينة مواضعها، لا الزينة نفسها. لأن النظر إلى أصل الزينة مباحٌ مطلقاً. فالرأس موضع التاج، والوجه موضع الكحل، والعنق والصدر موضعا القلادة، والأذن موضع القرط، والعضد موضع الدملوج، والساعد موضع السوار، والكف موضع الخاتم، والساق موضع الخلخال، والقدم موضع الخضاب. واستثنى الأحناف الظهر والبطن والفخذ لأنها ليست بموضع للزينة، وجعلوها عورة للمرأة عن باقي النساء. فالذي ظهر من هذه الزينة هو الكحل والخاتم (أي الوجه واليدين) وقيل الخلخال كذلك (أي القدمين). وهذا فيه إشكال، إذ أن الكحل موضع العينين أو أعلى الوجه، لا الوجه كله. ودليل هذا التفسير القول الضعيف المنسوب لإبن عباس ?، والقول الحسن المنسوب لأمنا عائشة ?. وما جاء عن بعض التابعين.

وقوله تعالى ? ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن ? –على هذا التفسير– فيه أن المقصود من الزينة هو موضعها وهو الساقين، وليس المقصود هو الخلخال. قلت: هذا مخالف للآية، إذ لو كان كذلك، لقال الله تعالى "ولا يكشفن عن أرجلهن"! لكنه منع الضرب على الأرض بهن، حتى لا تلفت النظر إليها، فيعرف الناس وينتبهون إلى الزينة الظاهرة التي تبديها وهي الوجه والكفين وقوام المرأة. وليس المقصود أن لا يعرفوا أنها تخفي خلخالاً في رجلها تحت الثياب!

3– الزينة هي جسم المرأة نفسه وما فيه من مفاتن ومحاسن. وما ظهر منها هو الوجه والكفان. ويكون إبداء الزينة جائز لكل محرم ولنسائهن ولمن استثنتهم الآية، إلا العورة المغلظة – وهي الفرج– فعليها حفظها إلى من الزوج كما هو مستثنى في سورة المؤمنون، وكما دلت عليه الأحاديث الصحيحة. وأما قوله تعالى ? ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن ? فالمقصود أن تكون المرأة مقتصدة في مشيها، لا تحاول أن تلفت الأنظار إليها. ولذلك لا يجوز لها لبس الخلخال ولا الكعب العالي الذي يصدر صوتاً أثناء مشيها بالطريق.

وسردت الأخت أثر عن إبراهيم وأثر عن قتادة (وهما من التابعين) وأثر ضعيف عن ابن مسعود (رضي الله عنه). ثم قالت: .

قلت: ما أنصفت الأخت، والإنصاف عزيز. فلم تذكر إلا غيض من فيض من أقوالهم. والمسألة كان فيها خلاف بين الصحابة والتابعين أنفسهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير