[تحرير الرواية المنقولة عن الإمام أحمد في وجوب صوم يوم الشك]
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[02 - 10 - 04, 09:04 ص]ـ
رواية الوجوب هذه نفاها عن الإمام أحمد بعض محققي الحنابلة:
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (25/ 98): ((وأما صوم يوم الغيم إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر فللعلماء فيه عدة أقوال .... والقول الثاني: أن صيامه واجب كاختيار القاضي والخرقي وغيرهما من اصحاب أحمد وهذا يقال أنه أشهر الروايات عن أحمد لكن الثابت عن أحمد لمن عرف نصوصه وألفاظه أنه كان يستحب صيام يوم الغيم اتباعاً لعبد الله بن عمر وغيره من الصحابة ولم يكن عبد الله بن عمر يوجبه على الناس بل كان يفعله احتياطاً .... فأحمد رضي الله عنه كان يصومه احتياطاً.)) ا. هـ.
وللشيخ البسام بحث طيب لهذه المسألة في كتابه تيسير العلام (2/ 432) فقال رحمه الله: ((اختلف العلماء في حكم صيام يوم الثلاثين من شعبان إذا كان في مغيب الهلال غيم، أو قتر، أو نحوهما من الأشياء المانعة لرؤيته.
فالمشهور في مذهب الإمام "أحمد" الذي قال كثير من أصحابه: إنه مذهبه- هو وجوب صومه من باب الظن والاحتياط، واستدلوا على ذلك بقوله: "فاقدروا له" وفسروها بمعنى: ضيقوا على شعبان، فقدروه تسعة وعشرين يوماً.
وهذه الرواية عن الإمام "أحمد" من المفردات، وهي مروية عن جملة من الصحابة، منهم أبو هريرة، وابن عمر، وعائشة، وأسماء.
وذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة "أبو حنيفة " و"مالك" و"الشافعي" إلى أنه لا يجب صومه، ولو صامه عن رمضان لم يجزئه.
واختار هذا القول، شيخ الإسلام "ابن تيمية" وقال: المنقولات الكثيرة المستفيضة عن أحمد، على هذا. وقال صاحب "الفروع": لم أجد عن أحمد صريح الوجوب ولا أمر به ولا يتوجه إضافته إليه. واختار هذه الرواية من كبار أئمة المذهب "أبو الخطاب"، و"ابن عقيل".
ودليل هذا القول ما رواه الشيخان عن أبي هريرة مرفوعاً: " صُومُوا لِرُؤيتهِ، وأفْطِروُا لِرؤيتهِ، فَإن غُمَّ عَلَيكم فَأكْمِلوا عِدَّةَ شعْبَانَ ثَلاِثين يَوماً". وهذا الحديث وأمثاله يبين أن معنى " فاقدروا له، يعني قدروا حسابه بجعل شعبان ثلاثين يوماً.
وقد حقق " ابن القيم" هذا الموضوع في كتابه "الهدي" (2/ 36 - 47) ونصر قول الجمهور، ورد غيره، وبين أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة قول صريح، إلا عن ابن عمر الذي مذهبه الاحتياط والتشديد. وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن إيجاب صوم يوم الشك لا أصل له في كلام أحمد، ولا كلام أحد من أصحابه وإن كان بعضهم قد اعتقد أن من مذهبه إيجاب صومه. ومذهبه الصريح المنصوص عليه هو جواز فطره وجواز صومه وهو مذهب أبي حنيفة ومذهب كثير من الصحابة والتابعين. وأصول الشريعة كلها مستقرة على أن الاحتياط ليس بواجب ولا محرم.)) ا. هـ وانظر المدخل المفصل للشيخ بكر أبو زيد (1/ 52).