تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[23 - 08 - 02, 05:27 ص]ـ

حمداً لربي الكريم، و صلاةً على النبي الحميم.

و بعد:

فهذا إكمالٌ لموضوع (النقائص العلمية) حررت الأولى، و هذا إلحاق بالثانية.

فأقولُ و بالله التوفيق.

النَّقِيْصَةُ الثَّانِيَةُ: ضَعْفُ المَيْلِ إلى الابْتِكار.

هذه النَّقِيْصةُ من أشهر ما وُجِدَ بين طلاب العلوم، و للأسف أنه لا يجهل أحدٌ قدرها، و لكن ليس كلاًّ موفقاً لها.

و الابتكار هو الإبداع، و معناهما واحد.

و الإبداع من أنفسِ مناقب الذكي، و من أجلِّ محامده.

و الإبداع أو الابتكارُ سيكون الكلام فيه في نواحٍ عِدَّة:

الأولى: معنى الابتكار.

الابتكار معناه: ابتداع شيءٍ غير مسبوق إليه، و المعنى _ أشد إيضاحاً _ هو: الاختراعُ لشيء جديد لم يُسْبَقْ إليه.

و من أمثلةِ ذلك علمُ أصولِ الفقه، فإن الذي اخترعه كعلمٍ مُفْرَدٍ هو الإمام الشافعي. [انظر: البحر المحيط لـ (الزركشي) 1/ 6].

و من ذلك أصول الشَّعْرِ و عروضه فإن مُخترِعَهُ هو الخليل بن أحمد الفراهيدي.

و المعنى الثاني: التجديد لعلم اندَرَسَ، و التجديد له بالتذكير به.

و يَظْهرُ من خلال التعريف له دِقَّته و عِزَّتُه.

الثانية: هل الإبداعُ جِبلِّي أم اكتسابي؟

يميلُ كثيرٌ من الناس إلى أن الإبداع يأتي مخلوقاً مع الإنسان، فلا يوجد مبدع إلا وهو مخلوق فيه الإبداع.

و من لم يكن كذلك فليس أهلاً لأن يكون مُبْدِعَاً.

و هذه نظرة آفنة، و رؤية خاطئة، و إبطالها من أوجه كِثار ليس هذا مَعْرِضُ بسطها.

الثالثة: أهميَّةُ الإبداع.

الكلامُ عن أهميَّةِ الإبداع و (الابتكار) من ثلاثة جوانب:

الأول: ما سبقَ أن قُرِّرَ في معناه تظهرُ أهميته.

الثاني: الفضائل الواردة في العلم تنطبق عليه إذ هو مرتبةٌ من العلم.

الثالث: مرتبةُ الإبداع مرتبةٌ عاليةٌ لا يَصِلُها إلا الخُلَّصُ من الرجال المؤهلين لها.

الرابعة: الطُرُقُ المُوْصِلَةُ إلى الإبداع.

لـ (الإبداع) طُرُقٌ تُوْصِلُ إليه، و لا يَتأتَّى الوصولُ إلى (الإبداع) إلا بها و من خلالها:

الطريقُ الأولى: الآلة التي بها الإدراك و التحصيلُ، و هي (العقل).

و هذه الآلة شيئان:

الأول: الحفظُ.

الثاني: الفهم.

يقولُ شيخُ الإسلام: (العلم له مبدأ وهو قوة العقل الذي هو الحفظ والفهم) [اقتضاءُ الصراط المستقيم 1/ 160].

الطريقُ الثانية: استيعابُ المسائل التي تُوْصِلُ إلى الإبداع.

فإن (الإبداع) في أي فنٍّ لا يكون الوصول إليه إلا بعد أن يَسْتَوعِبَ الشخصُ أصول و مسائل ذاك الفن.

و معلومٌ أنه لا يكون (الإبداع) إلا على أصولٍ من العلم يُعْتَمَدُ عليها عند أهل الفن و العلم.

و خاطئةٌ طريقةُ البعضِ حين يدَّعي (الإبداع) في علمٍ من العلوم و هو لم يَسْتَوْعِبْ مسائله، بل أصول العلم.

الطريقُ الثَّالثةُ: مَعْرِفَةُ حقيقةُ (الإبداع).

و قد سبقَ تقريرُ ذلك فيما مضى.

الخامِسَةُ: أخلاقياتُ (الإبداع).

لابدَّ أن يتمتع (المُبْدِعُ) في (إبداعه) بأخلاقياتٍ مهمة لابُدَّ من مُراعاتها:

الأولى: أن يَعْلَمَ أن كلَّ شيءٍ من الله _ تعالى _.

فإن كثيراً ممن يَظُنُّوْنَ أنهم (مبدعون) في العلوم يكون لديهم شعورٌ بالخروج عن قدَرِ الله _ تعالى _، و يظنون أن ما أصابوه من (إبداع) إنما هو من تلقاء جهدِهمْ و عقولهم.

و هذا تَلْحَظُه في كثيرين من كُتَّابِ هذا الزمان _ و الله المستعان _، و قدْ حصلَ هذا لـ (ابن سينا) فإنه لما حصَّلَ علوماً و أبدع فيها لَحِقَهُ الطغيان فطغى، و مثله (ابن الراوندي).

الثانيةُ: عَزْوُ المَعْلُوُمَةِ إلى أهلها.

فإنَّ بركةَ العلم في عَزْوِهِ لأهله، إذ هو نالَ طرفاً مُؤَصِّلاً لـ (الإبداع) لديه من كلامِ مَنْ سَبَقَهُ من السابقين له في العلم و الفضل.

و كان هذا منهجاً مسلوكاً لدى العلماء النبلاء كـ (أبي عبيد القاسم بن سلاَّم) و (السيوطي) ... .

الثَّالِثَةُ: المَجِيءُ بالأمور على وجهها.

و ذلك في ناحيتين:

الأولى: في آداب الكتابَة.

الثانية: في آداب التأليف.

و يُنْظَرُ: علامات الترقيم لـ (أحمد باشا)، و صياغةُ البحث العلمي لـ (عبدالوهاب أبو سليمان).

السادِسَةُ: العلوم التي يُبْدَعُ فيها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير