وأما الكلام على حساب الاقتران، فهو- أخي- على ما يبدو قد بلغ شأوا بعيدا عندهم لدرجة أنهم لا يقبلون حتى الرد علي من يعترض عليهم في هذا، من مثل ما ذكرت بعضه في مشاركاتك، بل ويجعلون من كلامنا محلا للسخرية والتندر – وأنا لا أعبأ بكلامهم وإنما أحكي معناه لينظر فيه- لغرابته الشديدة عندهم، ومخالفته لأبسط المسلمات لديهم.
وقولك: الثاني: أن العمل بالحساب في الشرعيات مخالف لأصول الشريعة المطردة
والتي تجنح للتيسير، والعجيب في الأمر أن قضية الحساب التي يصر عليها
بعض الفقهاء ليس لها أي نظير في فروع الشريعة، فكيف يمكن أن يجعلوا
هذا الشاذ أصلا مكينا يصححون عليه عبادات الناس؟؟؟
قلت: هم يقولون إن هذا الأمر صحيح في الزمان الأول، حيث لم يكن في الإمكان أفضل من ذلك، فلم يكن من المناسب تكليف الناس ما لا يطيقون، أما اليوم بعد أن أصبحت مباد ىء هذا العلم ومقدماته تدرس في المراحل الأولى بالمدارس، وخصصت لعلوم الفلك كليات ومعاهد، وأصبح الحصول على نتائج دراساتهم يتم بأسرع من لمح البصر، فأين العسر والتشديد في هذا، نعم لو أننا – والكلام للقائلين بالحساب- كلفنا كل شخص بهذا لكان في الأمر حرج شديد قد انتفى عن شريعتنا السمحة. بل هم يذهبون أكثر من هذا فيزعمون أن هذه الوسيلة لمعرفة بداية الشهر القمري ونهايته قد غدت أسهل وأقرب من الرؤية البصرية، وذلك لما يعرض للرؤية من وهم وخطأ، زيادة على التلوث البيئي الذي أضحي يزداد يوما بعد يوم مما يسبب عائقا كبيرا في بعض مناطق الرؤية البصرية، إلى غير ذلك من أمور استجدت في هذا الكون، هذا مقابل التقدم الكبير الذي حدث في مباحث الحاسبين في مسألة (إمكانية الرؤية) خاصة في السنوات الأخيرة.
وأما عدم النظير في هذا فمن الممكن أن يورد على ذلك أحدهم ما ذكره الشاطبي، وأجاب عليه بما لم يسلمه المعلق على الكتاب، وهو ما طلب من العلماء الذين ينظرون في مواقع الأحكام، من شرائط الاجتهاد التي يتطلب الحصول عليها مشقة غير معهودة أيضا في مجاري الشريعة، وبها يتميز العلماء عن سائر الناس. وكذلك يقال في أغلب فروض الكفاية مما يتعلق ببعض المهن العمرانية وغيرها كالطب والهندسة.
قال أحدهم وهو بصدد الرد على مثل ما قلته، عندما أورد عليه ما في اعتماد حساب الفلك من مشقة وعسر المخالفين لقواعد الشريعة، قال: نظير هذا القول أن يقال للقرية التي ليس فيها طبيب واحد، لا تجوز المعالجة عنده ولا يجوز له التطبيب لأن الأمر إذا ضاق اتسع، أي رجع إلى العلاج التقليدي للعجائز.
وقولك: ولكن بدا لي أيضا أي الكريم أن حسابات الفلكيين اليقينية في حساب
الاقتران وإن كانت دقيقة جدا إلا أن الفيزياء الفلكية لها رأي آخر،
وهناك بحث قرأته في هذا الصدد يجعل كل هذه الحسابات عبارة عن دقة
عددية، ولكن مايبدو للعيان قد يكون خداعا للنظر، وأمور الكون
والفضاء لا يمكن أن نجزم فيها بشيء، وبعض الفيزيائيين يقول إن
النظريات الرياضية والفيزيائية التي نكتشفها ونحلل بها ظواهر
الكون ما هي إلا محاولة لتفسير الظاهرة وليس هو الكاشف لحقيقة
الظاهرة .. فتأمل ...
قلت: سبق أن حكيت لك -أخي- رأيهم في مثل قولك هذا، أو ما هو أقل من ذلك.
وأزيد هنا فأزعم أنهم سيقولون عن هذا القول بمجرد سماعه: إنه إلى السفسطة هو أقرب منه للعلم، فالقوم اليوم لا يتكلمون عن رصد ومشاهدة بالعين الباصرة، بل ولا على رصد وتتبع بالآلات المكبرة العتيقة، لا هم اليوم يتكلمون عن أجرام قد حطوا عليها رحالهم، ووطئتها أقدامهم، ولمسوها بأيديهم، فضلا عن تتبعها بأدوات قد بلغت من الدقة العجيبة شيئا مذهلا، وقد رصدوا لها أقمارا صناعية تتبعها على مدار الساعة ثانية بثانية ولا أقول دقيقة، فهل بعد هذا وما هو أكثر مما لم أذكر و لا أعلمه يأتي من يقول: ولكن ما يبدو للعيان قد يكون خداعا للبصر؟!!! والحمد لله أن قد مع الفعل المضارع عند أهل العلم سور جزئي، فهي في قوة المهملة.
فدعنا – أخي- نتكلم عن الأخطاء في أرقامهم في حساب عملية الاقتران، أو عن تعسر معرفتهم (إمكانية الرؤية) بدقة إلى ساعتنا هذه. أظن أن هذا أفضل لنا، وإلا لم نأمن أن يخرج علينا أحدهم فريمينا بكل عظيمة لكلامنا هذا. (ابتسامة)
وقولك – أخي-: فلماذا لا نفترض أن حسابات العلماء للاقتران هي من حيث العدد يقينية
¥