تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[31 - 10 - 04, 11:37 م]ـ

أخي المقر ىء – أعزك الله- أشكرك على مواصلة المباحثة، وأسأل عن أخينا رضا صمدي فقد افتقدته حقا.

ثم إني لازلت أنتظر الجواب من الشيخ محمد الأمين على سبب تعجبه في مداخلته الأخيرة، فأرجو منه أن يتكرم علينا بالتوضيح، حتى نعجب مما عجب منه، أو نوضح له ما يدفع عنه العجب.

وبعد شيخي – الفاضل- شكرا على توضيحك بالنسبة للأمر الأول.

وأما قولك: هذه قضية كبيرة جدا إن أردت فهمها ومعرفة الإشكال فيها فلابد من القراءة في كتب القوم والنظر إلى قواعدهم لترى ما ذكرته لك جليا

فإن كنت تقصد –أخي الفاضل- مسألة (إمكانية الرؤيا) فنعم لم تزل هذه المسألة موصوفة بالإشكال والصعوبة منذ زمن بعيد، وقد أشرت إلى هذا أخي في مداخلة سابقة فقلت: وعندما تكلم شيخ الإسلام في هذا – رحمه الله- وضع يده على نقطة ضعف الحسابات الفلكية، وأعني به مسألة (إمكانية الرؤية). هذه التي أعيت الحاسبين سابقا ولا حقا- وإن كان الحال اليوم في هذه أفضل بكثير منه في زمن شيخ الإسلام- وهي في ظني - إذا لم يوجد لها أهل الحساب حلا حاسما- موطن الإعجاز في هذا الأمر.

وإن كنت تقصد مسألة التولد، أو الإستسرار، أو الاقتران، أو المحاق، أو اجتماع النيرين، فهذه مسألة معروفة محسومة منذ القدم، قد بلغ العلم اليوم في تحديدها درجة عالية من الدقة، وهي تحدث مرة واحدة في الكون. فلا مجال للاختلاف فيها.

وإن كنت تعني قولك: 2 - الذين يعتمدون على الحساب عندهم قاعدة أصيلة وهي:

أن الهلال قبل الولادة لا يمكن أن يرى أو أنه محاق ولا يكون هلالا حسب التعريف الشرعي والواقع يشهد ببطلان هذه القاعدة فقد أثبتت التجارب كما نقله أهل الاختصاصين الشرعي والفلكي أنه رؤي الهلال مع أن أهل الحساب يقولون لن يولد هذه الليلة من أكثر من شاهد وفي أكثر من موقع

فقد سبق أن قلت لك: إن استحالة رؤية الهلال والحالة هذه أمر أقره أهل الشرع واللغة قبل الفلكيين، وهذه الدعوى - أخي الفاضل- وتكررها لعدة سنوات، هي التي دعت علماء الفلك لإثارة مسألة الأخذ بالحسابات الفلكية لتفادي هذا الخطأ الغريب، وقد لقيت دعوتهم تلك قبولا عند جماعة من أهل العلم الشرعي – قديما وحديثا- فأخذوا بها ودعوا إليها، وإن اختلفت أقاويلهم بين آخذ بالحسابات الفلكية إثباتا ونفيا، وبين قائل باعتبارها في حالة النفي فقط.

أخي العزيز إن كنت وقفت على نص من أهل العلم الشرعي أو الفلكي يقول تحديدا: إن الهلال يمكن أن يرى قبل الاقتران، أو من الممكن أن يرى حال الاقتران أو المحاق أو حال اجتماع النيرين، فأرجو أن تدلني عليه. فأنا لم أجد هذا عند أحد من الطائفتين، وإن كان إطلاعي في هذا متواضعا، وحبذا أن يكون النص بالعربية فإني لا أحسن اللغات الأجنبية للأسف الشديد. فإن لم يكن فحتى بغير العربية، فهناك من يترجمه –إن شاء الله-.

وأما قولك: ها أنت تقر أنهم لم يصلوا إلى الدقة فكيف يحق لهم أن يجزموا بنفي أو إثبات على من رأى الهلال بخلاف الشهادات التي يوقن الرائي أنه رأى الهلال فعلا

نعم أخي هم - وليس أنا- يقرون أنهم لم يصلوا إلى الدقة الكافية – لاحظ أخي كلمة الدقة- التي تجعلهم يجزمون بمسألة إمكانية الرؤية من عدمها، ولكن هذا لا يمنع من جزمهم وقطعهم باستحالة الرؤية – مطلقا- في الصورتين المتقدمتين، وجزمهم وقطعهم أيضا فيما قارب ذلك، أعني بعد سويعات من مفارقة الهلال للشمس بعد لحظة الاقتران. ومكثه لحظات أو دقائق معدودة في الأفق. ثم يتدرج الأمر عندهم بين الاستحالة النسبية والعسر الشديد والصعوبة وهلم جرا. ولا يخفى عليك أن هذا يتعلق بالرؤية البصرية المجردة.

أما مسألة معارضة الحسابات الفلكية لدعوى رؤية الهلال في وقت يقطع فيه علماء الفلك الثقات باستحالة ذلك، فهي فرع عن نظرنا للحسابات الفلكية، فإن سلمنا -أخي- بدقة هذه الحسابات وصحة نتائجها، فما أيسر رد دعوى من يشهد بما لا يكون ولا يرى، وأما إن ضربنا صفحا عن علم هؤلاء القوم وقلنا إنه حدس وتخمين، أو لا يفيد يقينا حسب التعبير اللطيف لبعض علمائنا الأفاضل المعاصرين، فما أيسر –أيضا- أن نأخذ بشهادة الواحد أو الاثنين، ونحكم أو نفتي أو نخبر بدخول الشهر الجديد أو خروج الشهر الحالي. ولنا عود – إن شاء الله- لمسألة الشهادة هذه لتعلقها بالأمور الشرعية.

وأما قولك – حفظك الله -: مرة أخرى أقول لك راجع كتب القوم

وأعيد عليك المسألة الأصيلة بأسلوب آخر:

ما معنى الولادة عند الفقهاء وعند الفلكيين؟ (لا بد من فهم هذه المسألة وعندها سينجلي لك الأمر "

أما المراجعة – أخي- فقد رجعت إلى ما تيسر لي من كتب القوم.

فوجدت أن جواب سؤالك هذا لا يمكن أن يوجد في كتب الفقهاء لأنه ليس من علمهم ولا من تخصصهم، ثم إنه لا يعنيهم لأنهم لا يبحثون عن الهلال في تلك اللحظات، وإنما يتعلق به البحث عندهم بعد أن يدخل في حيز الرؤية البصرية، وهذا لا يكون إلا بعد تمام الاقتران أو الولادة.

ووجدت الفلكيين الخلص قد اتفقوا على أن الولادة هي: تر اصف الأرض والقمر والشمس في خط واحد، وهو المعبر عنه بالاقتران. أو هو وجود القمر على خط واحد بين الشمس والأرض. ويدقق البعض منهم فيقول: إن ميلاد الهلال هو خروج القمر من الاقتران، أو خروجه من المحاق. ولا يخفى عليك أن زمن الاقتران لا يتجاوز الدقيقتين.

فهل هذا أخي ما تعنيه؟ في ظني أنك تعني أمرا آخر. فأرجو إيضاحه بدقة. حتى نصل – إن شاء الله- قريبا إلى تحرير محل النزاع بدقة، وتكون المباحثة منحصرة فيه.

وقولك: وأزيدك إشكالا عندهم: هل تعرف أن هناك فرقا بين الحاسبين المسلمين وغير المسلمين؟

كيف ولماذا؟

هذا هو سبب قولي لك راجع كتب القوم

غير واضح لي البتة، فلم أجد الفرق الذي تذكره –بارك الله فيك- إن كنت تعني حساب الاقتران، وإن كنت تعني حساب بداية الشهر: فنعم هناك فرق حتى بين حساب الفلكيين المسلمين. كيف ولماذا؟

إن كان هذا مرادك فالبيان بعدُ – إن شاء الله-. وإن كان غير ذلك فبين لي مشكورا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير