ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[07 - 12 - 04, 11:35 م]ـ
أثابك الله أخي حارث همام
وهذه إضافة للموضوع أمل أن يكون فيها ما يفيد.
قال ابن جرير الطبري رحمه الله
وقوله عزّ وجلّ: ونُنَزّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ للْمُؤْمِنِينَ يقول تعالى ذكره: وننزّل عليك يا محمد من القرآن ما هو شفاء يستشفى به من الجهل من الضلالة، ويبصر به من العمى للمؤمنين ورحمة لهم دون الكافرين به، لأن المؤمنين يعملون بما فيه من فرائض الله، ويحلون حلاله، ويحرّمون حرامه فيدخلهم بذلك الجنة، ويُنجيهم من عذابه، فهو لهم رحمة ونعمة من الله، أنعم بها عليهم وَلا يَزِيدُ الظّالِمِينَ إلاّ خَسارا يقول: ولا يزيد هذا الذي ننزل عليك من القرآن الكافرين به إلا خسارا: يقول: إهلاكا، لأنهم كلما نزل فيه أمر من الله بشيء أو نهى عن شيء كفروا به، فلم يأتمروا لأمره، ولم ينتهوا عما نهاهم عنه، فزادهم ذلك خسارا إلى ما كانوا فيه قبل ذلك من الخسار، ورجسا إلى رجسهم قبلُ، كما:
17103ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وَنُنّزّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ للْمُؤْمِنِينَ إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه وَلا يَزِيدُ الظّالِمِينَ به إلاّ خَسارا أنه لا ينتفع به ولا يحفظه ولا يعيه، وإن الله جعل هذا القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره
قوله تعالى: "ورحمة للمؤمنين" تفريج الكروب وتطهير العيوب وتكفير الذنوب مع ما تفضل به تعالى من الثواب في تلاوته؛ كما روى الترمذي عن عبدالله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف). قال هذا حديث حسن صحيح غريب. وقد تقدم. "ولا يزيد الظالمين إلا خسارا" لتكذيبهم. قال قتادة: ما جالس أحد القرآن إلا قام عنه بزيادة أو نقصان، ثم قرأ "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" الآية. ونظير هذه الآية قوله: "قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليه عمى" [فصلت:
وقال ابن كثير رحمه الله عند تفسير الآية السابقة
يقول تعالى مخبراً عن كتابه الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد, إنه شفاء ورحمة للمؤمنين أي يذهب ما في القلب من أمراض من شك ونفاق وشرك وزيغ وميل, فالقرآن يشفي من ذلك كله, وهو أيضاً رحمة يحصل فيها الإيمان والحكمة وطلب الخير والرغبة فيه, وليس هذا إلا لمن آمن به وصدقه واتبعه, فإنه يكون شفاء في حقه ورحمة, وأما الكافر الظالم نفسه بذلك, فلا يزيد سماعه القرآن إلا بعداً وكفراً, والاَفة من الكافر لا من القرآن, كقوله تعالى: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء, والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد} , وقال تعالى: {وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً * فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون} والاَيات في ذلك كثيرة. قال قتادة في قوله: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه {ولا يزيد الظالمين إلا خساراً} أي لا ينتفع به ولا يحفظه ولا يعيه, فإن الله جعل هذا القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين.
وأحب أن أنبه أيضا أن عدم انتفاع الظالمين بالقرآن هو بسب أنفسهم لقوله تعالى: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} [الصف: 5]، وقال تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية (المائدة: 13)
ـ[عبد الجبار]ــــــــ[08 - 12 - 04, 04:43 ص]ـ
أحببت أن أذكر قصة ذكرها لي أخ له 10 سنوات يمارس الرقية الشرعية وهي أنه رقى كافرا كانت به علامات المس فتحسنت حالته وشفي، ثم عاوده حاله مرة أخرى، لذا هو يرى أنه لا فائدة عملية من علاج حالات السحر والمس لدى الكفار، لأنه بمجرد أن يتركه الراقي يفقد سبب الشفاء، وبسبب كفره تتسلط عليه الشياطين مرة أخرى والله أعلم.
ـ[عارف]ــــــــ[08 - 12 - 04, 11:51 ص]ـ
يبدو التلازم بين جواز ارتقاء المسلم بالتوراة من كتابي وجواز رقي الكافر بالقرآن؛ فالمعنى المترتب عليه الاستشفاء واحد.
كما يلزم شمول الإعجاز المزعوم.
ـ[حارث همام]ــــــــ[08 - 12 - 04, 04:31 م]ـ
شكر الله لأبي عبدالرحمن فوائده ..
وكما ذكر الأخ عبدالجبار فإن رقية الكافر جدواها قليلة إن لم يستقم بعدها على الدين، ويتجنب التردي في الأسباب التي تسلط عليه الشياطين. غير أن المسلم الفاسق أو الظالم كذلك، فإنه إن لم يتب ويرعوي عن أسباب تسلط الجن عليه فسيعاوده ما أصابه كما هي حال كثيرين، ولكن الرقية قد تكون لمرض عضوي أيضاً فلزم التنبه.
وقد أخبرني بعض الطيبين (وهو غربي مسلم) بقصة رجل أمركي كافر أصابه مرض عضال فيسر الله له الشفاء على أيدي ثلة من أصحاب صاحبنا هذا وكان ذلك عن طريق الرقية الشرعية فأسلم بعدها وحسن إسلامه، والحمد لله رب العالمين.