تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأفطروا لرؤيته)) وإنما رفضنا شهادة باطلة ممن شهد بشهادة لم تنفك عما يكذبها، فالشاهد هو الواهم أو الكاذب في شهادته. فليس في الأمر رؤية صحيحة للهلال لكونه لم يولد بعدُ. وبهذا يتضح الأمر بأن الأخذ بالحساب فيما يتعلق بالنفي ليس فيه مصادمة لكتاب الله ولا لسنة رسوله محمد صلى الله عيه وسلم.

الوقفة الثالثة:

مع قول بعضهم في معرض الرد على القول بالأخذ بمقتضى ولادة الهلال ما نصه: ما الذي نجنيه من الكتابة عن الصيام وتكذيب شهود رؤية الهلال لأن الحساب قد دلنا على أن الشهر لن يهل أو أنه لم يولد؟ هل عندنا بذلك أثارة من علم ممن لا يرد قوله. إلى آخر ما قال.

وأتمنى من قائل هذا القول أن يتهم رأيه وعلمه، فرحم الله امرأًً عرف قدر نفسه فيما يتكلم فيه، فعلم الفلك علم له قواعده وأصوله ونتائجه، وله علماؤه المختصون به، وعلى نظرياته الدقيقة تبنى أدق التطبيقات العلمية في عالم الفضاء والكون، وليس الأمر فيه محصورا في أثارة من علم تنتظر ممن لا يرد قوله فالأمر في ذلك قطعي لا يحتاج إلى أثارة من علم.

ومن المسائل الفلكية التي لا تقبل جدلاً من أهل الدراية والنظر والاختصاص مسألة ولادة الهلال فهي مسألة قطعية لا يختلف فيها ولا في تحديد وقتها بالدقيقة لا بل بالثانية أحد من علماء الفلك من مسلمين وغير مسلمين ولا يشك في قطعيتها إلا من يشك في نتيجة جمع الخمسة مع الثمانية أو ضرب الستة في الأربعة أو طرح الثلاثة من التسعة أو قسمة الثمانية على الاثنين.

وإذا كان المنازع لا يزال في منازعته في أن ولادة الهلال ظنية لا قطعية فعليه أن يأتي بقول واحد من علماء الفلك يقول بظنية الولادة لا قطعيتها. أما أن تُحشر لنا نصوص من أقوال فقهائنا من المذاهب الأربعة فهم علماء شريعة وليسوا علماء فلك. فهل يصح أن ننتقد مسألة طبية في الجراحة مثلا أو مسألة هندسية من النظريات الهندسية ثم نأتي بأقوال

الفقهاء على انتقاد هذه المسائل العلمية من طب أو هندسة أو فلك أو نحو ذلك؟

الوقفة الرابعة:

مع الاحتجاج لرد العمل بالحساب بقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب)) إلى آخر الحديث أخرجه الخاري (1913)، ومسلم (1080) وتوجيه الاحتجاج لذلك أن وصف أمة الإسلام بالأمية وصف مدح لا وصف ذم. هذا القول بالرغم من صدوره ممن هو في مستوى رفيع من العلم ودقة النظر وعمق التفكير إلا أنه قول فيه نظر، فرسول الله صلى الله عليه وسلم وصف هذه الأمة من واقعها في عهده فليس الغرض من وصفها بالأمية مدحها أو ذمها وإنما الغرض من ذلك تقرير أن الأمة لا تكلف بما لا تستطيع (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) [البقرة:286]، (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج:78] ولكن بعد أن تيسر لهذه الأمة الدخول في ميادين العلم ومن ذلك علم الفلك فقد زالت عن هذه الأمة الأمية فصارت تحسب وتكتب وتعلم وتقرأ وتخترع وتدرك ما أدركه الآخرون من آيات الله وعجائب مخلوقاته وأسرار مكنوناته ودقائق صنعه وإتقان إبداعه، وبزوال هذه الأمية يقوم التكليف، وتسقط الأعذار، ويتعين الأخذ بالأسباب ونتائج المعرفة، وطرح التعلل بالجهل بعد زواله وحلول العلم محله.

الوقفة الخامسة:

مع حاشيةٍ لبحثٍ لبعض إخواننا في مجلة البحوث الإسلامية (العدد 27) من أنه اطلع على أكثر من عشرة كتب فلكية وليس في واحد منها ما يشير إلى قطعية الحساب.

ونحن نتساءل هل في هذه الكتب ما ينفي قطعية الحساب؟ وإذا كان كذلك فليت الباحث أتى بنصوص من هذه الكتب تدل على ما ذكر وبشرط أن تكون هذه الكتب من أهل الاختصاص في الفلك.

وقد جاء في هذه الحاشية ذكر قرار مؤتمر الكويت عام 1409هـ وهو قرار لا يتفق مع موضوع البحث، فهو قرار يؤيد القول باعتبار الحساب الفلكي في حال النفي وقد جاء في القرار الفقرة (1) النص على ذلك وأن هذا القول هو قول عدد من فقهاء المسلمين كابن تيمية والقرافي وابن القيم وابن رشد، وفي الفقرة الثالثة من القرار ما يدل على أن الإثبات يجب أن يعتمد على الشهادة.

وللشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - هو أحد علماء مصر والمختصين في علم الحديث ورجاله رسالة بعنوان (أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعا إثباتها بالحساب الفلكي) وقد ذكر في رسالته ما نصه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير