تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأنزل الله هذه الآية، ورد فيها عليهم، وسفههم، وسجل عليهم بالحماقة بأن لو كانوا - آباءهم - جاهلين لا يشعرون شيئا، لا يفهمون قولا; أفهؤلاء يسلكون مسلكهم والحال هذه؟! مع أنهم لا يختارون سبل الآباء في أمور دنياهم فيما فيه نقصانهم، كما أن أبا أحد، لو اتجر البز فلم يربح فيه، لا يؤثر ولده هذه التجارة قطعا، علما منه بأن فيها ضررا، وكذا، لو وقع والد أحد في البئر، لا يقع ولده فيه أبدا، ظنا منه أن في هذا هلاكه. فيا لله العجب من هذا القوم؟! كيف يتبع الآباء في أمور الدين، ولا يتبعهم في أمور الدنيا؟! مع أن أمر الدين أهم وأعظم، وأحرى بالتحقيق والتدقيق، وأمر الدنيا هين ليّن، ص -408 -

لا يعود بضرر في الإيمان إن لم يقع كما أراد؟!

فلا أدري ما هذا الإسلام؟ يتركون الرسوم التي جاء بها الرسول، وأمر بها الله تعالى، ويختارون رسوم الآباء والأجداد، فهل رسوم الأسلاف أحق بالاتباع؟ أو شرع الله ورسوله؟!

فهذه الآية الكريمة: دليل على رد الرسوم المبتدعة والمراسيم المحدثة، والأمور الموضوعة التي راجت في الناس، وجاءت من أسلافهم السفهاء، كما تدل على رد التقليد فيها. ومثل هذه الآية قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [سورة المائدة آية: 104] الآية: يعني: من التحليل والتحريم، اهـ، ملخصا من كتاب الدين الخالص، لصديق خان. ص -409 -

وقال أيضا رحمه الله: فصل في رد بدع التشبه بغير أهل الإسلام عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم" 1 رواه الإمام أحمد، وأبو داود; قال الإمام صديق، رحمه الله في كتابه "الدين الخالص": هذا الحديث من جوامع الكلم، ويوانع الثمار، لأنه قد عم المشبه والمشبه بهم من كان، وأينما كان، ولم يخص نوعا من أنواع التشبيه، لا قوما من الأقوام المشبه بها. فتحصّل من ذلك: أن كل متشبه بآخر في كل شيء، حقيرا كان أو جليلا، ظاهرا كان أو باطنا، له حكم المتشبه به، في الكراهة والحرمة، والكفر؛ وتفصيل ذلك يطول. وقد كفى لبيان بعضها شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني، رحمه الله، في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم، مخالفة أصحاب الجحيم"، وأتى فيه بأشياء تشبهت بها هذه الأمة، على غير الملة الإسلامية والأمة المحمدية، واستوعب غالبها، ولعله فاته أشياء كثيرة لم تكن في زمنه، وظهرت بعده في هذه الأزمنة المتأخرة، واتسع الخرق على الراقع، إلى أن قال، رحمه الله: وقد أفرط الناس المسلمون في هذا العصر في التشبه بالمبتدعين والفاسقين، إلا ما شاء الله؛ وعم بذلك البلاد، حتى لم يبق شخص، ولا دار، ولا محلة، ولا بلد، ولا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ1 أبو داود: اللباس (4031). ص -410 -

إقليم، إلا وقد دخل فيه هذا الداء العضال، وعدّوه من أسباب الجمال والكمال. ثم قال: وهذا الحديث يفيد ذم هذا التشبه، إذا كان بأهل غير الإسلام من أهل الكتاب وغيرهم; فهكذا يفيد بمفهومه المخالف أن التشبه بالصلحاء، وبأهل الله ورسوله، من المحدثين، والفقهاء، والقراء، ونحوهم، إذا لم يكن ذلك منه رياء وسمعة، وشهرة في الناس، بل كان هذا منه إخلاصا بالدين لله عز وجل وإيثارا لسنة سيد المرسلين، في اللباس، والطعام، والفراش، والصلاة، والصيام، وغير ذلك، مما أورد به الشرع الشريف، كان هذا المتشبه في عداد من تشبه بهم، ونفعه ذلك; اهـ; والله الموفق. وقال الشيخ: صالح الخريصي، في رسالة للملك عبد العزيز آل سعود، بعد أن وعظه، وأخبره بما عليه من مسؤوليات؛ وأنه باتباعه هذه الشريعة المحمدية، ظاهرا وباطنا، يحصل له العز والتمكين. فهنا كلمة من أخيك، ما بعث وحث عليها إلا إكمال النصح، فإن مسألة الرسوم اليوم، من الله عليكم وحباكم، وأعطاكم ووسع عليكم من واسع فضله، فارحموا عباد الله يرحمكم الله، وأوسعوا عليهم وتصدقوا عليهم بهذه الرسوم إن الله يجزي المتصدقين، وأنتم بإمكانكم نفع الفقير وتودّون نفعه،

ص -411 -

وهذه الرسوم تؤخذ منه، لأن الغني

سالم منها، يأخذه فائدة مع الرسوم، وتبقى على الفقير. واسلموا من إثمه وعقوبته، فإني أرجو لكم بذلك السنا والرفعة في الدنيا والآخرة، فإن الفقراء أكثرهم في أزمة، وأنتم تحبون إيصال الخير إليهم. [فصل في تبين تحريم المكس] فصل إذا تبين تحريم المكس من الكتاب والسنة والإجماع، فقد فرض الله على عباده المسلمين الزكاة؛ وفيها، وفيما أخرج الله للمسلمين من المعادن غنى عنه، وقد تقدمت الأدلة على تحريمه; وأما الزكاة فقد قرنها الله في كتابه بالصلاة، في غير ما موضع; وفي السنة ما هو مشهور ويأتي. وقال إمام هذه الدعوة، الشيخ: محمد بن عبد الوهاب، للأمير محمد بن سعود، رحمهما الله، لما علم منه إقباله على الدين ونصرته واتباع شرعه في الزكاة، وفيما يفيء الله غنى، فوافقه على ذلك. ويجدر بولاة الأمور أن يقتفوا بآبائهم، وقد فاض عليهم من المال ما لا يخطر ببال من الزكاة ومعادن وغيرها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير