تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – فلم يخطيء في استدلاله بكلام شيخ الإسلام – الذي ذكره عنه صاحب الاختيارات – مادام أنه يرى أن مدار الأمر على الرؤية، ولكن الحق في غيره، وهو مذهب الجمهور، لأن مدار دخول الشهر على كافة الناس ثبوت الرؤية عند جماعة من المسلمين، وبلوغ الخبر إلى الباقي بذلك عن طريق شرعي. كما بينه شيخ الإسلام – رحمه الله -.

ويدلك على هذا – وفيه رد على كلامك في الفقرة السادسة – أن الشيخ في شرح الزاد قد قوَّى القول الثالث وهو أن الناس تبع للإمام في الصوم والإفطار، وذكر أنه لو وجدت خلافة عامة للمسلمين وثبتت الرؤية في بلد الخليفة لزم من تحت ولايته في مشارق الأرض ومغاربها موافقته.

فهل خالف الشيخ في قوله هذا العقل والنقل، أم ماذا ترى شيخنا؟

وقولك: وأما ما نقلته من كلام شيخ الإسلام فقد أعجبني منه قوله: "فإنه متى رؤي في المشرق وجب أن يرى في المغرب، ولا ينعكس".

قلت: لو تدبرته جيدا لأعجبك كله، وما بعده من الكلام يجري بحثه، لو فتح النقاش في أصل المسألة.

وقولك: قولك "وإنما الإشارة – فقط وهو الأهم – إلى دعوته لاجتماع كلمة المسلمين". يا أخي الكريم نحن نريد توحيد المسلمين لكن على طاعة الله ورسوله وليس على الخطأ. وصدقني لولا أن يكون توحيد المطالع مخالفاً للأثر لقلنا به. لكن عندنا حديث صريح صحيح يعارض فكرة وحدة المطالع، ولا يجوز لنا مخالفة الحديث تحت أي مبرر.

قلت: تقدم رأي الشيخ ابن عثيمين في هذا، وهو أسد وأصوب، وأزيدك أننا لو سلمنا جدلا بقول من يقول باعتبار اختلاف المطالع، فما تقول – رعاك الله – في اعتراض شيخ الإسلام الآتي، قال: إذا اعتبرنا حداً، كمسافة القصر، أو الأقاليم، فكان رجل في آخر المسافة والإقليم فعليه أن يصوم ويفطر وينسك، وآخر بينه وبينه غلوة سهم لا يفعل شيئاً من ذلك، وهذا ليس من دين المسلمين.

ولا تظنن أن هذا خيالا، فإن شئت أن تتحققه فانظر حدود شمال الحجاز وجنوبه تر مصداق ذلك. وكذا حدود دول شمال أفريقيا، والشام.

والحديث لا يأتي أبدا بما يفرق المسلمين، فلا خلاف ولا مخالفة، وإن كان الناس معذورين في الزمان الأول لقلة الاتصالات بل انعدامها فيما تباعد من الأقطار، فلا عذر اليوم – بارك الله فيك -، وسيأتي قريبا ما يدل على اجتماع الأدلة، وعدم وجود مخالفة بينها أصلا.

وقولك: إن كنت تظن أن ما أوردته يشوش على رأي ابن عثيمين فأنت على خطأ كبير، بل يقوي رأيه، لأنه -برأيي الشخصي- يظهر ضعف حجة مخالفيه.

قلت: أنا لا أشوش - أحسن الله إليك – فالتشويش ليس من خلقي، وإنما أنقل لك من كلام أهل العلم ما يوضح مرادهم، ويبين الحق – إن شاء الله –. ثم هل رأيت - شيخي العزيز – لماذا أحبذ ذكر الآراء مجردة عن أصحابها، فعندما يقرأ شخص مثلي ممن - تزبب قبل أن يتحصرم – قولك هذا، يظن حقا ما تقول، فيسارع ب ... وأنت تعلم – جيدا - مكانة الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في نفوسنا، فما أنا بالذي يشوش عليه، أو يكون له كلام معه حتى، فاعلم ما تقول رعاك الله – فإن هذه صفة قوم آخرين.

أما كيف يظهر – والفاعل لاشك هو كلام شيخ الإسلام - ضعف حجة مخالفيه، فهذا مما لم أفهمه، فلعل الشيخ يوضح لنا هذه أكثر، وخصوصا بعد أن يضع في اعتباره أن شيخ الإسلام نفسه أول المخالفين لرأي الشيخ ابن عثيمين – رحم الله الجميع بمنه وكرمه -.

ثم لا أدري من هم المخالفون الذين يفترضهم - شيخي – بعد احتجاجه بالإجماع لما ذهب إليه.

وأما قولك: أوردت كلام السبكي وغرضي الذي لونته بالأحمر وبالأزرق. فلعلك تعيد قراءته مجدداً. أما وجهة نظره فقد أيدها عدد من العلماء غيره سواء من الشافعية أم غيرهم. والحجة في الدليل وليس في عدد القائلين. ولست ممن يعتد بالسبكي (ولا بغيره) بل العمدة على الدليل.

قلت: لقد قرأته – شيخي – فما وجدت له صلة مباشرة بكلامنا في هذه المسألة، فنحن هنا نتكلم عن ثبوت الهلال في بلد وعدم ثبوته في أخرى فماذا عن التي لم يثبت فيها، هل تلزمهم رؤية غيرهم؟ أم يقولون ليس علينا ذلك لأن الهلال لم يخرج في أفقنا بعدُ.

أما كلام الإمام السبكي فهو وارد في معنى آخر لعلنا نتباحث فيه قريبا - إن شاء الله -.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير