قلت: نعم لعل ذلك كما تقول، ولم يكن هناك ما يوجبه، ولكن مع ذلك قد وقعت عدة حوادث في الماضي اضطرب فيها أمر الناس بسبب دعوى الرؤية السلبية، أو الرؤية الإيجابية، وهذا الأمر قد كثر في زماننا هذا بسبب سرعة الاتصالات، وانتشار العلم بأمر الحساب الفلكي عند كافة الناس، فلابد للأمر أن ينتهي إلى أمر جامع، وكثير من الناس لا يقبلون أبدا رد الحسابات الفلكية مقابل شهادة الاثنين أو الثلاثة لغلبة ثقتهم في الحساب، وقد سألت بنفسي بعضهم، فرفضوا تكذيب أهل الحساب، والسبب تعرفه.
وقولك: يجب أن نركز البحث الشرعي في قضية واحدة أن لحظة ولادة الهلال لم تثبت
بالحس بل بالحساب.
قلت: أما في ما يستقبل من الزمان فنعم، وأما في الساعة التي أنت فيها فالأجرام القريبة مرصودة عند القوم لحظة بلحظة. وهم يشاهدون اجتماع النيرين في حينه كما أخبرني البعض، ولعلك لو دخلت لموقع (ناس) رأيت ذلك بعينيك الكريمتين.
ثم إن هذا لا يضر - يا أخي – أليس بين يديك تقويم الصلاة المفروضة، وفيه أوقات الصلاة لسنة قادمة؟
وقولك: واعتبار الحساب يقينيا في التنبأ بالمستقبل هو
عين التنجيم، لأنه ادعاء للغيب، والله يقول: (قل لا يعلم من في السموات
والأرض الغيب إلا الله)
قلت: بسبب هذه الدعوى وقع إهمال هذا العلم، خصوصا في القرون الأخيرة، ورمي بعض من اشتغل به بضروب من الأوصاف لعله بريء منها، فأعرض الفقهاء عن أقوالهم.
و قولك هذا من أغرب ما سمعته منك حتى الآن، فكأني بك لا تفرق بين الغيب النسبي الإضافي والغيب المطلق الذي استأثر الله بعلمه – وهذا ما أتيقن خلافه لفطنتك – وفي ما ذكرته لك من تحديد أوقات الصلاة لفترة لاحقة، الرد على ما قلته هنا.
ومعرفتهم هذه لا تزيدنا إلا إيمانا ببديع صنع الله ودقتها وإحكامها، أليس هذا ما امتن الله به علينا إذ جعل لنا هذا الأجرام لنعلم عدد السنين والحساب، والنجوم لنهتدي بها وعلامات، فكيف يكون ذلك إذا لم تكن حركات هذه الأجرام على نظام واحد لا يختلف وفي ذلك أعظم الدلائل على قدرة الله.
ولم أقرأ أبدا لعالم معتبر من المعروفين بالدقة والتحقيق أنه قال: إن هذا يدخل في باب التنبؤ بالغيب، وإن كان قاله فهو مخطىء ولا شك، أما من لا يحسن فلعله يقول أكثر من ذلك، بل نتائجهم في هذا يقين كما ذكرت أنت عن جماعة منهم - فهل غفل هؤلاء الفقهاء عن هذا؟ - ولا علاقة له أبدا بالتنبؤ بالغيب.
ثم تدبر – أخي – معي قول الله جل في علاه: {والشمس والقمر حسبانا}، وقوله عز من قائل: {الشمس والقمر بحسبان}، وغيرهما من الآيات، ألا يدلك هذا على انتظام سيرهما انتظاما مطردا لا يختل حساب الناس له، والتوقيت به؟ ثم انظر - أخي – معي قول الله حسبانا وبحسبان ما ذا يعني الإتيان بالمصدر هنا؟ ثم تأمل قول الله تعالى في ختام أية يونس: {يفصل الآيات لقوم يعلمون}.
وأما إن هذه النتائج وتقديمها على الشهادة، يهدم هذا الدين، فهذا من مواقع الغلط في هذه المسألة جملة، فالقوم لم يصرح أحد منهم برد الشهادة مطلقا، وعدم اعتبارها حجة شرعية – وإن كانت لا ترقى لليقين في مجملها – بل هم يردون شهادات مخصوصة، في دعاوى مخصوصة، ثبت عندهم بالحس والواقع المشاهد خطؤها، وهذا لم يعر منه حكم لقاض شرعي أحيانا في بعض الشهادات، وإلى هذا ألمح إليك الأخ الأزهري السلفي، فافتراض عدواة الفلكيين للشهادة باعتبارها دليلا شرعيا مرفوض عندهم، بل ويعدونه من طرق التشويش عليهم، وحكاية أمر عنهم لا يقولونه أصلا. ثم ما بالك تذهب بعيدا ارجع – أخي – إلى كتب أئمتنا الأجلاء وانظر ماذا قالوا في دعوى رؤية الهلال، ثم عد الناس بعد ذلك ثلاثين يوما، ونظروا إلى السماء فلم يشاهدوا الهلال؟ فما هم قائلون؟ أما الإمام مالك فقال: هما شاهدا سوء. فهل تعد قوله ردا للشهادة الشرعية من حيث هي، أم أن كلامه على أمر مخصوص؟
يتبع – إن شاء الله -.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[24 - 11 - 04, 07:29 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم الفهم الصحيح على جميل الرد وأكتفي
بما بينت وشرحت أنت من موقفك وأبدأ معك في المناقشة ...
ولكن يبدو أن ردك الأخير لم يكمل لذلك أستدرك عليك بعض النقاط أرجو
أن توفيها في الإكمال ...
منها: أنك تتحدث عن الفلكيين بإطلاق وتعميم ... مثل قولك: القوم
¥