تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما ألفاظ السفسطة، والجدل، والعقم، والمصادرة، والوصول إلى طريق مسدود، والخروج عن الموضوع الأساسي ... فألفاظ لا يعجز أحد عن قولها .. وخاصة من أراد الخروج عن الموضوع والانحراف به عن مساره ليجد منفذا لتركه، لسبب أو لأخر. فالمشكل في هذه الألفاظ هو فهم مدلولاتها، وأشكل منه إثباتها. فهل تستطيع ذلك بعلم وحجة وليس بدعوى مجردة؟ وهل يعجز مخاطبك عن قول مثل ذلك، أو أكثر منه؟ أدلة الإثبات – أخي – لكل ما تقول.

ثم إن أهم ما لفت نظري هنا هو كلمة (جدل) فقد رأيتها تكررت في المنتدى أثناء مناقشة عدة مواضيع، فهل ينشط أحد مشايخنا الأفاضل ويبين لنا الحد الفاصل بين الجدل والمدارسة المشروعة؟ وإلا فكل نقاشنا هنا من قبيل الجدل عند الشيخ محمد وغيره. أو هي كلمة (إخراس و تبكيت) يقولها من يقولها عند عجزه عن إيراد حجته، أو كلمة يقولها من يقولها لإخفاء تهمة رمى بها غيره هي به ألصق، الكلام هنا عام شيخ محمد فحذار من سوء الفهم.

النقاش بدأ بيننا – أخي- حول أمر محدد ولا زال كذلك، وكل الفروع التي دخلنا فيها من متعلقات البحث، فلا تطمع أن تقول: إن علماء الحجاز أفتوا بأن لكل قوم مطلعهم، ولا تبدي حجة وأسكت عليك، إذاً جعلت مني تلميذا خائبا من أول الأمر، وهذا لا أرضاه منك، وتقول: نقل الإجماع ثلاثة من أهل العلم، وأسكت، ولا أبين لك خطأ ذلك، والأدهى أن تقول: إن الجمهور على اعتبار اختلاف المطالع فيما تباعد من الأقطار، وأسكت، وكتب أهل الفروع أمامي تصرخ بأعلى صوتها، أن مذاهب أئمتهم على خلاف ذلك، وآتيك من كلامهم بما يدل على ذلك، ثم تعوزك الحجة فتأتي وتقول بكل يسر: هذا خروج عن الموضوع، وجدل، وطريق مسدود، هلآّ أبطلت كلامي قبل ذلك بحجة نيرة وبرهان قاطع، لو خالفتك حينئذ فلك الحق في قول ما هو أكبر من ذلك. وأنا هنا ليس بخاف عليّ تقييد بعضهم لما أطلقه الأئمة في هذا الأمر، وأشرت عليك تلميحا بمن يذكره ويحتج له، وقلت لك إنه طريق لاحب، فتطلبه لتجمع بين القولين، ولو ذهبت أذكر لك من يقول بمثل قولك لأعيتك قراءته، ولكن ليس في كلامه مقنع، وقد خرج على زمن ليس زمننا، أوهناك بواعث أخرى لقوله تذكرها أنت، ولا أرى فيها حجة على المخالف، وإن كنت أقوم بحجتها منك ومنه، ليس لكثرة علمي فلا تعجل، وإنما لأني أعيشها واقعا حيا ملموسا، بينما أنت بعيد عنها، وهو مشغول عن تدبر بطلان قوله بتبرير واقعه، الذي فرضه عليه قوم آخرون، غافلا عن سبب اختيار هذا القول عن غيره وإن كان فيه مصلحة الأمة.

شيخ محمد الأمين، لقد أخبرتك مرارا أنت وأخي رضا صمدي أني أبحث في هذا الأمر لنازلة حلت بنا، وأرغب صادقا في مدارسته بغية الوصول إلى الهدي بعلم وحجة نيرة، أما أخذ الكلام هكذا على التسليم، فمن جاورتهم وأحببتهم لم أجدهم يفعلون ذلك، وأنا على منوالهم أسير، ولا تظنن أني غافل عن قول كلام علمائنا في ذلك، سواء في هذا الذي نتباحثه، أو في أصله الذي أتباحثه مع أخي رضا، ولو ذهبت أذكر لك مراجعي في ذلك لعجبت، ولكني أجد لمخالفي حجة قوية، لم أستطع دفعها وحدي، فأحببت أن أتقوى بإخواني عملا بقوله تعالى (سنشد عضدك بأخيك) والمرء قوي بإخوانه .. كما يقولون، وما أرى الأمر يهمني وحدي، فهذا إن كان فيه شر فهو قادم إلى الجميع – بما فيهم أهل الحجاز- وإن كان خيرا فينبغي لنا أن نعرف حجته، ليصح لنا أخذه عن علم وبصيرة.

أخي محمد الأمين الأسلوب البرقي – إذا صح القول- والجمل المهلهلة المجملة، والدعوى العريضة لا تفيد في مثل هذه المناقشات العلمية، ولا تقوم بها حجة على أحد، فلا بد من البيان وصحة الحجة، وهذا مسلك وعر لمبتغيه، يحتاج لصبر وأناة، وأنا – والله – لا آنف أن أقف أمامك وأمام كل الأحباب هنا موقف التلميذ، بل هذا مما يشرفني، وهو ما جئت بسببه لهذا الملتقى، المهم عندي أن تتكلم بعلم وحلم، أحسهما في كلامك وإن لم أفهمهما، فهناك من يساعدني على فهم قولك وقول غيرك، فلا تظن أني أعتمد على فهمي وحدي – أحيانا – عندما تشكل عليّ الأمور، وأخصك أنت بهذا، فكثيرا ما أشكل علي فهم عباراتك، وعناوين مقالاتك، وقد وافقني من يعد اليوم – عندي - من أبرع علماء أصول الفقه في العالم الإسلامي، وبعض من يعد من أعلم الناس بالنحو في بلدي، أفعل ذلك حتى أعلم كيف أرد وأصدر. خذ مثلا قولك: ما هو الحد الأدنى لحصول الإجماع .. وكيف شرحته، وانظر تعليقي عليه.

أعلم الآن أني أطلت عليك، ولكن لابد مما ليس منه بد. فإن أردت الاستمرار أخي فالحجة النيرة لكل ما تقول، حتى إن قلت عني شخصيا ... فلك ذلك بشرط، وأقبله منك بكل رحابة صدر، فعندي قليل من الشجاعة التي عند من تجاورهم، ولكن الحجة القاطعة لما تقول، أما أخي هذه النتف والكلام الأجوف، والتعليقات المكوكية، فأهون شيء على من هو مثلي ممن قصر باعه، وقل في العلم إطلاعه.

كل ما تقدم لا أراه خروجا عن الموضوع لأنه يتعلق بتصحيح مسار البحث، ثم أتى لنعرف بعضنا جيدا، فإن أبيت إلا قول ما تقدم فأنت سببه، والدليل أني أناقشك في صلب الموضوع وأدلل على قولي، وتأتي أنت لتهدم كل شيء وتعطلنا عن موضوعنا. ولا حجة لك إلا قولك: جدل وصف كلام، ووقت ثمين، و ... كلام جميل وعام ولكن تنزيله على أمرنا غير صحيح البتة.

وأنا في انتظار تعليقك، وغدا – إن شاء الله - أعلق على ما ذكرت، ولعلي أستعمل أسلوب البرقيات، متبعا طريقة أهل الجدل المحمود حقا.

وقد حان الآن فتح موضوع آخر معك، طال حبسه، فأرجو أن تستعمل الرفق في مناقشته، واجتنب أسلوب ... حتى لا يغلق المشرف الموضوع فنحرم من فوائدك؟ وليس لدي مانع في استمرار النقاش في الموضوعين – بارك الله فيك- وآسف جدا إن كان هناك شيء أزعجك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير