تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

منه , ولو صح فمعناه عندي والله أعلم: ولم يرها شيئا مستقيما لكونها لم تقع على السنة. وقال الخطابي قال أهل الحديث: لم يرو أبو الزبير حديثا أنكر من هذا , وقد يحتمل أن يكون معناه: ولم يرها شيئا تحرم معه المراجعة , أو لم يرها شيئا جائزا في السنة ماضيا في الاختيار وإن كان لازما له مع الكراهة. ونقل البيهقي في " المعرفة " عن الشافعي أنه ذكر رواية أبي الزبير فقال: نافع أثبت من أبي الزبير والأثبت من الحديثين أولى أن يؤخذ به إذا تخالفا , وقد وافق نافعا غيره من أهل الثبت. قال: وبسط الشافعي القول في ذلك وحمل قوله لم يرها شيئا على أنه لم يعدها شيئا صوابا غير خطأ , بل يؤمر صاحبه أن لا يقيم عليه لأنه أمره بالمراجعة , ولو كان طلقها طاهرا لم يؤمر بذلك , فهو كما يقال للرجل إذا أخطأ في فعله أو أخطأ في جوابه لم يصنع شيئا أي لم يصنع شيئا صوابا , قال ابن عبد البر: واحتج بعض من ذهب إلى أن الطلاق لا يقع بما روي عن الشعبي قال: إذا طلق الرجل امرأته وهي حائض لم يعتد بها في قول ابن عمر , قال ابن عبد البر: وليس معناه ما ذهب إليه , وإنما معناه لم تعتد المرأة بتلك الحيضة في العدة , كما روي ذلك عنه منصوصا أنه قال: يقع عليها الطلاق ولا تعتد بتلك الحيضة ا ه. وقد روى عبد الوهاب الثقفي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر نحوا ما نقله ابن عبد البر عن الشعبي أخرجه ابن حزم بإسناد صحيح , والجواب عنه مثله. وروى سعيد بن منصور من طريق عبد الله بن مالك " عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس ذلك بشيء " وهذه متابعات لأبي الزبير , إلا أنها قابلة للتأويل , وهو أولى من إلغاء الصريح في قول ابن عمر إنها حسبت عليه بتطليقة. وهذا الجمع الذي ذكره ابن عبد البر وغيره يتعين , وهو أولى من تغليظ بعض الثقات وأما قول ابن عمر " إنها حسبت عليه بتطليقة " فإنه وإن لم يصرح برفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإن فيه تسليم أن ابن عمر قال إنها حسبت عليه , فكيف يجتمع مع هذا قوله إنه لم يعتد بها أو لم يرها شيئا على المعنى الذي ذهب إليه المخالف؟ لأنه إن جعل الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم لزم منه أن ابن عمر خالف ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة بخصوصها لأنه قال إنها حسبت عليه بتطليقة فيكون من حسبها عليه خالف كونه لم يرها شيئا , وكيف يظن به ذلك مع اهتمامه واهتمام أبيه بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ليفعل ما يأمره به؟ وإن جعل الضمير في لم يعتد بها أو لم يرها لابن عمر لزم منه التناقض في القصة الواحدة فيفتقر إلى الترجيح , ولا شك أن الأخذ بما رواه الأكثر والأحفظ أولى من مقابله عند تعذر الجمع عند الجمهور والله أعلم. واحتج ابن القيم لترجيح ما ذهب إليه شيخه بأقيسة ترجع إلى مسألة أن النهي يقتضي الفساد فقال: الطلاق ينقسم إلى حلال وحرام , فالقياس أن حرامه باطل كالنكاح وسائر العقود , وأيضا فكما أن النهي يقتضي التحريم فكذلك يقتضي الفساد , وأيضا فهو طلاق منع منه الشرع فأفاد منعه عدم جواز إيقاعه فكذلك يفيد عدم نفوذه وإلا لم يكن للمنع فائدة , لأن الزوج لو وكل رجلا أن يطلق امرأته على وجه فطلقها على غير الوجه المأذون فيه لم ينفذ , فكذلك لم يأذن الشارع للمكلف في الطلاق إلا إذا كان مباحا , فإذا طلق طلاقا محرما لم يصح. وأيضا فكل ما حرمه الله من العقود مطلوب الإعدام , فالحكم ببطلان ما حرمه أقرب إلى تحصيل هذا المطلوب من تصحيحه , ومعلوم أن الحلال المأذون فيه ليس الحرام الممنوع منه. ثم أطال من هذا الجنس بمعارضات كثيرة لا تنهض مع التنصيص على صريح الأمر بالرجعة فإنها فرع وقوع الطلاق على تصريح صاحب القصة بأنها حسبت عليه تطليقة , والقياس في معارضة النص فاسد الاعتبار والله أعلم. وقد عورض بقياس أحسن من قياسه فقال ابن عبد البر: ليس الطلاق من أعمال البر التي يتقرب بها , وإنما هو إزالة عصمة فيها حق آدمي , فكيفما أوقعه وقع , سواء أجر في ذلك أم أثم , ولو لزم المطيع ولم يلزم العاصي لكان العاصي أخف حالا من المطيع. ثم قال ابن القيم: لم يرد التصريح بأن ابن عمر احتسب بتلك التطليقة إلا في رواية سعيد بن جبير عنه عند البخاري , وليس فيها تصريح بالرفع , قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير