وللنصح لقد أحزنني الخبر الذي ذكرته عن أختنا من ذهابها إلى هذا المكان-حفظكم الله جميعا عن يمينكم وشمالكم ومن أمامكم ومن خلفكم ونعوذ بعظمته أن تغتالو من تحتكم
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[08 - 12 - 04, 05:29 ص]ـ
- أخي الفهم الصحيح، ائذن لي أن أقبل رأسك، ولو كنت عند عندك لجلست بين يديك أتعلم، ولقد كفيتنا عناءات شتى، ولا أظن شيخنا ابن وهب إلا مطلعا ومراقبا لما يجري ومبتسما لمشاركاتك، وإلا لكانت لاعتراضاته رائحة، وبالعطر فائحة، يفيضها علينا من معين علمه حفظه الله.
- أخي أبا داود الحبيب حفظك الله ورعاك أحبك في الله.
- إن ما قلتُه ليس فيه ما يفيد ترجيحا لرأي دون رأي، وإنما أردت أن أطلع د. موراني على سماحة ديننا وثراء فقهنا وعمق بحرنا، وبشهادة غير المسلمين.
- أما أنك تريد أن نجعل ضمان قيمة خمر الذمي المغصوبة من قبل المسلم موقعا للنزاع فما في ذلك إلا الخير والحمد لله.
إن ما استدللت به من حديث النهي عن ثمن الكلب لهو دليل خاص بشراء الكلب وبيعه.
- 1. لا يجوز عند الأصوليين أن يكون الدليل أخص من الدعوى، بل لا بد أن يكون عاما والدعوى إحدى أجزائه إن كان كلا، أو إحدى أفراده إن كان جمعا، أو لإحدى أنواعه وأعيانه إن كان جنسا. والحديث من النوع الأخير من أنواع هذه العمومات، وهو لم يشمل كل أعيانه لأنه خرج منه كلب الصيد، وكلب الماشية، وكلب الحراسة عند القائلين به، وهذا يضعفه كعموم لأنه لم يستغرق جميع أنواعه، فضلا عن أن يقاس عليه غيره.
- 2. إن الراجح أن الكافر غير مخاطب بفروع شريعتنا أصالة، وإنما خوطب بالإيمان أولا، وإن ما يأتي من الطاعات هي تبع لذلك، وإن كان سوف يعاقب على الأصل والفرع معا لقوله تعالى: " مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ " فبين أن الذي سلكهم في سقر هو التكذيب بالدين، مع ترك الصلاة، وعدم إطعام المسكين، والخوض مع الخائضين.
- وحتى على القول بأنه مخاطب بالفروع، فالخمر ليس داخلا في ذلك، لأن النهي لم يشمل إلا المسلم، لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ... الآية" وهو ليس من الذين آمنوا، فهذا خطاب خاص بالمؤمنين.
- 3. إن الخمر وإن لن يكن مالا متقوما عندنا بالعرضية فهو مال مقوم بالتخلل ولا يتوقف الضمان على أن يكون المال المغصوب متقوما في الحال، بدليل أن ما لا منفعة فيه في الحال كالجحش والمُهر يوجب الضمان عند الغصب، (استفدتها من محققي بدائع الصنائع: للأمانة)،بالإضافة إلى أنه مال متقوم عند الذمي.
- 4. روى أبو عبيد القاسم بن سلام أن بلالا قال لعمر: إن عمالك يأخذون من أهل الجزية الخمر والخنازير في الخراج فقال: لا تأخذوها منهم ولوهم بيعها، وخذوا أنتم من الثمن، وإن لم يكن الخنزير والخمر متقوم في حق الذميين لما أمرهم عمر بالبيع، ولهذا إذا وقع الغصب وقع على مال متقوم فيجب الضمان.
- 5. سد ذريعة أمام فساق المسلمين دون تعرضهم لأموال الذميين، مما سوف يفتح علينا بابا من الفتنة عظيم، ولو لم يكن إلا هذا دليلا لكفاني والحمد لله.
وللحديث بقية إن شاء الله.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[08 - 12 - 04, 11:36 ص]ـ
أخي الحبيب الأديب مصطفى - سلمك الله - فما إلى هذا قصدت، ولكن أحببت أن أدفع عن نفسي أمرا أزعجني، وقد كان والحمد لله هنا وفي رابط آخر، فالفهم الفهم فيما أدلي إليك، وأنا - والله - الذي يقبل رأس كل إخوانه في هذا الملتقى لعظيم نفعه بهم.
أخي أبا داود – زادك الله إيمانا وتسليما وحسن خلق- أحبك الله الذي أحببتني فيه، وأنا أخي كذلك أحبك في الله وجميع إخواننا في الملتقى، ولو لم تكن إلاّ من أهل مصر الحبيبة لأحببتك في الله، فكيف وقد جمعت مع طيب الموطن، شرف طلب العلم، فبارك الله فيك ونفع بك، أخي العزيز أنا أحب أن تناديني بالفهم الصحيح – فلست شيخا لا سنا ولا اصطلاحا كن على يقين من هذا - حتى تكون هذا الكلمة على ذكر منك، في إقبالك وإدبارك، وأنا على يقين من أن جميع إخواني في الملتقى أكيس وأعقل من أن يظنوا أني أريد بهذا مدحا لنفسي، بل أعلم أنهم يفهمون جيدا أن الفهم الصحيح لكل القضايا المطروحة هو السبيل الوحيد للوصول إلى الحق .... طبعا بعد توفيق الله، وقد كنت أعلم منذ اخترت هذا التوقيع أنه سيسبب لي بعض المشاكل، وسيكون مدعاة لبعض الس ... وقد بدأت لوائح ذلك، فالله المستعان، ومع ذلك لا أترك تذكير إخواني بما يعلمون شدة أهميته. يبدو أني أطلت وذلك من ضعف فهمي، وعدم مراعاتي لمقتضى المقام.
أخي العزيز: من ذهب إلى أن الخمر وما ذكر معها لا قيمة لها، وعليه فليس على متلفها ضمان، احتج بما ذكرت من المنقول، وبأدلة أخرى من المعقول، وقابلهم من يرى ضمان ما ذكر عند غصبه أو إتلافه، وهما: الإمامان الجليلان أبو حنيفة ومالك أعلى الله درجتهما في جناته، ووفقنا لما وفقا له من خدمة أمة الإسلام، وقد بسط الكلام في ذكر حجج الفريقين الإمام القرافي – رحمه الله – في الذخيرة 8/ 277 - 280، فقف عليه فهو مهم، فإن لم تتمكن فلعلي أنقل لك بعض قوله – إن شاء الله -.
وقد بدأ أخي مصطفى في بيان الأمر، فما أظنني أحسن أن أزيد على قوله. وفي كل خير وبركة.
¥