ويحصل الذم والعيب للفقهاء، وكل ذلك منشؤه من تسلط العقلانيين على الشريعة واقتناصهم
لوظائف المتشرعة لتكون لهم الحظوة في المجتمع، فالله حسيبهم والمولى رقيبهم.
تم بحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات ...
ويحتاج إلى تحرير وتدقيق يكون بمناقشة الأخوة من طلبةالعلم
والعلماء في المنتدى وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[16 - 12 - 04, 03:17 م]ـ
الفصل الأول:
في بيان حكم الشريعة في الأهلة والاعتماد عليها في الشرعيات
الفصل الثاني:
في بيان بطلان الاعتماد على الحساب الفلكي بكل صوره في الشرعيات.
الفصل الثالث
في الحكمة العظيمة والحجة البالغة لعدم التعويل على الحساب في الشرعيات.
الفصل الأول
في بيان حكم الشريعة في الأهلة والاعتماد عليها في الشرعيات
وفيه مسائل
الأولى: أن المسائل الشرعية وخاصة التعبدات لا مجال للعقل والرأي فيها، بل يجب ردها إلى الشرع جملة وتفصيلا، وباب الابتداع ينشأ من عدم التسليم بهذه القضية، لذلك ألزم الشرع أتباعه باتباع السنة، والسنة بمعناها الأجمل الأعم ما جاء عن صاحب الشريعة من مسائل تعبدية، أما المسائل الدنيوية التي ما نشأت أو أنشأت للعبادة (بالأصالة) فلم يلزم الشرع أتباعه فيها بتفصيل، ولكن وضع لهم قيودا عامة وضوابط كلية يسيرون عليها، أما التعبدات فلم تقم على الكليات والعمومات، بل قامت على التفاصيل الدقيقة والأوصاف الجزئية حتى يكون المكلف على بينة من أمره ... وأدلة هذه المسألة من الكتاب والسنة وفقه سلف الأمة أشهر من تذكر، لأننا نخاطب طلبة العلم، وفي المثال الواحد غنى عن ألف شاهد.
الثانية: أن الأحكام الوضعية قسيم الأحكام التكليفية، وكلاهما من الأحكام الشرعية التي تحتاج إلى دليل شرعي لتنتهض حكما في شريعة الله الغراء، وتعليق العبادات على الأوقات من جملة الأحكام الوضعية، وهي في الجملة من أحكام الشروط التي لا تصح العبادات إلا بها، فاعتبار وقت العبادة شرطا يجعل كل ما يتعلق بهذا الشرط محتاج إلى الدليل الشرعي مفتقر إليه، وينأى به عن الرأي والتسويغ العقلي.
الثالثة: أحكام الشريعة كلها معلقة في توقيتاتها بالشهور القمرية على وفق النظام الإسلامي، إلا ما علقه المكلف على توقيت آخر فيكون من إنشاء المكلف، أما ما أطلقه الشرع فتوقيته يكون بالنظام الإسلامي، وإنما قلنا بالنظام الإسلامي لأن عد الشهور القمرية يختلف بين الناس، فمن الأمم من يعد الشهور القمرية عشرة أشهر فقط، ومنهم من يعده اثنا عشر شهرا، ومنهم من يعد الشهر تارة تسعة وعشرين وتارة ثلاثين على التوالي، ومنهم من يعتبر الحساب ومنهم من يعتبر الرؤية، ومنهم من يعتبر الكبس في الشهور القمرية، ومنهم من لا يعتبر الكبس، والنظام الإسلامي يعد الشهر القمري تسعة وعشرين أو ثلاثين (ويعتبر البداية بالرؤية، ويعتبر جملة الشهور اثنا عشر شهرا، ولا يعتبر نظام الكبس في الأشهر القمري ألبتة ... وفحوى هذا النظا م مأخوذ من نصوص الكتاب والسنة ويعرفه كل من تمرس الشريعة.
الرابعة: إذا كان ذلك كذلك فشهر رمضان من جملة الشهور التي يتعلق بها عبادة من العبادات المشروعة، فكان توقيت شهر رمضان وعده مبنيا على النظام الإسلامي لا محالة، وكان هذا النظام في التوقيت من جملة الشرعيات التي يجب أن تستند إلى الدليل وتفتقر إليه، كما أن الخروج به عن التقييد الشرعي (ذي الصلة) يعتبر ابتداعا في الدين وإحداثا في ملة سيد المرسلين، وهو ما نطقت به نصوص الشريعة.
الخامسة: قد نصت الشريعة بأن الأهلة مواقيت للناس، كما قال تعالى: (ويسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس). وهذا تخصيص واضح، حيث أتى بالجملة الاسمية المفيدة للتخصيص وأن مواقيت الناس لا تحدد إلا بالأهلة، خاصة أنه ورد في سياق جواب السؤال، وهو مثل أن تقول: ما فائدة هذا المفتاح، فتجيب: المفتاح هو آلة فتح الباب، أي لا آلة لفتح الباب إلا المفتاح، كما أن جملة (هي مواقيت) جاءت حالا للأهلة، لأن الجمل بعد المعارف أحوال وبعد النكرات صفات، والحال قيد في عامله، فكأن تقدير الجملة: خلقت الأهلة توقيتا للناس، فكان المعنى: أن الأهلة هي طريقة التوقيت في النظام الإسلامي.
¥