تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه القصة قرأتها في سبل السلام للصنعاني عازياً لها إلى الحلية، وأعجبت بها، وكنت آنذاك لا أميز بين الصحيح والموضوع، وقد ارتسمت في ذهني، لما اشتملت عليه من العدل والإنصاف من أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه-، وقاضيه شريح بن الحارث الكندي -رحمه الله-، وبعد زمن طويل طالعت في كتاب الأباطيل للجوزقاني فإذا هو يذكر القصة في الأباطيل. ولما رأيت الناس معجبين بهذه القصة كما أعجبت بها، فذاك يلقيها في محاضرته، وآخر ينشرها في مجلته، وآخر يذكرها في كتابه، والقصة لا تصح؛ رأيت أن أذكر ما قال أهل العلم في هذه القصة، فالجوزقاني -رحمه الله- ذكرها في الأباطيل (2/ 197) وقال (ص 198): هذا حديث باطل تفرد به أبو سمير وهو منكر الحديث. إلى آخر ما ذكره.

وذكرها ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 388) وذكر نحو ما ذكره الجوزقاني.

وذكرها الإمام الذهبي في ميزان الاعتدال في ترجمة أبي سمير حكيم ابن خذام (وقد تصحف في الحلية والأباطيل إلى حزام) وذكر الحافظ الذهبي أن أبا حاتم قال: إنه متروك الحديث. وقال البخاري منكر الحديث، يرى القدر. وقال القواريري: وكان من عباد الله الصالحين.

فعلم بهذا أنها ضعيفة جداً من طريق أبي سمير حكيم بن خذام.

وأما السند الثاني ففيه سقط أو تصحيف، وهو من طريق علي بن عبد الله بن ميسرة عن شريح، وعلي بن عبد الله بن معاوية لم يرو عن أبيه عن جده عن شريح كما في الميزان واللسان، فعلم بهذا أن في السند سقطاً أو تصحيفاً، ثم علي بن عبد الله ذكر الإمام الذهبي عن أبي حاتم أنه كتب عنه قصة غير هذه أخبره بها. وقال: كتبت هذا لأسمعه من هذا الشيخ، ثم تركته لأنه موضوع.

ثم وجدت القصة بالسند الثاني في أخبار القضاة لمحمد بن خلف الملقب بوكيع (2/ 194) فقال: حدثني علي بن عبد الله بن ميسرة بن شريح القاضي قال: حدثني أبي عن أبيه معاوية بن ميسرة عن شريح قال: لما رجع علي من قتال معاوية وجد درعاً له افتقده بيد يهودي يبيعها فقال علي: درعي، لم أبع ولم أهب. فقال اليهودي: درعي وفي يدي، فاختصما إلى شريح فقال له شريح: هل لك بينة؟ قال: نعم قنبر والحسن أبني. فقال شريح: شهادة الابن لا تجوز للأب. قال: سبحان الله رجل من أهل الجنة. فعلم بهذا أن في نعيم سقطاً أو تصحيفاً.

وسندها مظلم لم أجد في كتب الجرح والتعديل إلا ترجمة علي بن عبد معاوية بن ميسرة في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم قال أبو حاتم: شيخ. ا هـ.

فعلم أن هذه القصة لا تثبت وعدالة الإسلام معلومة من غير هذه القصة الباطلة والحمد لله.

الهوامش:

1 - رمز لتحول الإسناد.

2 - اسم بلدة في العراق.

3 - الشُراة: فرقة من فرق الخوارج.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير