تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا المذهب بدلاً من علماء نجد؛ الذين كانوا يتولونه لعدم وجود أحد من علماء

الحنابلة في الحجاز، ولم يكن هذا مما ترتاح إليه الحكومة العثمانية ولا أمراء الحجاز،

فدرس الفقيه المذهب، وتمكن فيه وفي مذهب السلف في العقائد. وقد عُين مفتيًا

للحنابلة في أول إمارة الشريف حسين بن علي، ولم يلبث أن غضب عليه فعزله

وعين بدله أحد الشافعية، فكان لا يُفتي للحنابلة إلا بعد مراجعته والأخذ بما يرشده

إليه، وجعله الشريف حسين عضوًا في مجلس الشيوخ ثم عزله بعد سنة لاعتراضه

على خوض محرر جريدة القبلة في تفسير القرآن بغير علم، وكان الشريف نفسه هو

الذي يفسر بعض الآيات برأيه في بعض المقالات التي ينشرها في تلك الجريدة وفي

بعض بلاغاته الرسمية أيضًا.

وقد امتحن وأُوذي إيذاءً شديدًا جزاءً له على إنكار البدع والخرافات ولا سيما

بدع القبوريين والمتصوفين، حُبس أولاً ثمانية عشر شهرًا، ثم حبس ثانيًا نحوًا من

سبعين شهرًا في عهد الشريف حسين، وحبس ولده الشيخ عبد القادر في سجن القبو

الذي هو شر من سجن الحجاج بن يوسف، وقد سبق وصفه في المنار، فمات فيه

صبرًا، وكان له ابن صغير فمات كمدًا وقهرًا، وخرج الشيخ من سجنه لا مال له،

وإنما كان يصيبه قليل من أوقاف الحرمين التي تأتي من الآستانة ومصر والشام

والعراق. وكان قد اعتاد الاتِّجار بالكتب منذ عزله الشريف عون الرفيق من وظائف

الحرم الشريف؛ إذ كان غضب على الشيخ عبد الرحمن سراج مفتي مكة ورئيس

العلماء فيها فعزله وعزل جميع رجاله من المفتين والمدرسين. وكان للفقيد منها

إفتاء الحنابلة وإمامة الصلاة في مقام الحنابلة كما كان مدرسًا.

وكان يدعو للشريف عون بالرحمة لإلجائه إلى تجارة الكتب التي تعينه على

العلم، فكان يذهب إلى الهند يحمل إليها من مطبوعات مصر ومكة ويعود منها

ببعض مطبوعاتها إلى مكة، وقد جلست إليه في مكتبته في باب السلام غير مرة،

وكان مهذبًا رقيق الطبع حسن المعاشرة على شدته في دينه وأمره بالمعروف ونهيه

عن المنكر، حتى أن مجلسه لا يخلو من دعابة ما في المفاكهة، ونكت أدبية

وتاريخية وكان يحب سماع الأصوات الشجية ولا يرى بها بأسًا.

(للترجمة بقية)

((يتبع بمقال تالٍ))


((مجلة المنار ـ المجلد [31] الجزء [3] صـ 240 ربيع الآخر 1349 ـ سبتمبر 1930))

الشيخ أبو بكر خوقير
تتمة ترجمته
وله مصنَّفات نافعة منها:
(1) فصل المقال وإرشاد الضال في توسل الجهال، طبع في مطبعة
المنار بمصر. و (2) مسامرة الضيف في رحلة الشتاء والصيف، طبع في
بيروت. و (3) ما لا بد منه في أمور الدين، طبع في مصر. و (4) حسن
الاتصال بفصل المقال في الرد على با بُصيل وكمال. و (5) السجن
والمسجونون. (6) ما لا غنى عنه شرح ما لا بد منه. (7) التحقيق في الطريق
في نقد الطرق المتصوفة. وهذه المصنفات لم تطبع وهي جديرة بالطبع.
وكان يقرأ لطائفة من الطلاب دروسًا في العلوم الدينية والتاريخية وغيرها في
بيته بعضها بالنهار وبعضها بالليل، وهو لم يتعرّف إلى الملك عبد العزيز آل سعود
إمام السلفيين ولم يطلب منه مساعدة ولا وظيفة على كونه أكبر علماء السلفيين
وفقهاء الحنابلة في الحجاز، ولكن دلَّه عليه بعض العارفين بقدره فجعله مدرسًا في
الحرم الشريف قبل وفاته بسنة.
توفاه الله تعالى في بلدة الطائف مصطاف الحجاز في يوم الجمعة غرة ربيع
الأول من هذا العام بمرض الزحار عن عمر ناهز السبعين رحمه الله تعالى رحمة
واسعة، وجمعنا به في دار القرار مع المقربين والأبرار.
استدراك على ما نشر
من الترجمة في الجزء الثالث
في عام 1324 و1325 كان الشريف علي باشا أمير مكة وهو الآن مقيم
بمصر وفي إمارته كان الشيخ أحمد فتة الشافعي مفتيًا للحنابلة وكان الذي يكتب له
الفتوى ويستشار فيها الشيخ أبو بكر خوقير.
لما صار الشريف حسين أمير مكة في سنة 1327 عين الشيخ أبا بكر خوقير
مفتيًا للحنابلة ثم عزله، وعين الشيخ عبد الله بن حميد النجدي مفتيًا للحنابلة بمكة
وحفيد الشيخ محمد بن حميد مفتي الحنابلة بمكة سنة 1290 وهو مؤلف (السحب
الوابلة في تراجم الحنابلة) ذيل الطبقات للحافظ ابن رجب.
ثم عزل عبد الله بن حميد وعيّن الشيخ عمر باجُنيد الشافعي مفتيًا للحنابلة
وهو من علماء مكة القبوريين - والآن دخل الوكر - وهو تلميذ با بصيل تلميذ
دحلان. وقد استدركت بهذا على عبارة الترجمة لئلا يقول الناس ليس بين خوقير
وبا جنيد اتفاق حتى يكتب له الفتوى.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير