[رماد في مهب الريح ....... ((رد على إعادة بناء الحديث النبوي الشريف))]
ـ[أبو نعيم الدمشقي]ــــــــ[23 - 12 - 04, 01:08 ص]ـ
رمادٌ في مَهبِّ الريح ((رد على إعادة بناء الحديث النبوي الشريف)):
بقلم الشيخ محمد مجير الخطيب الحسني
نشر في إحدى الجرائد اليومية (1) مقال بعنوان «إعادة بناء الحديث النبوي الشريف»!، هو أحد حلقات زاوية صحفية تدعى (آفاق)، يحررها برهان بخاري، بقلم نبت قصبُه في الدِّمَن. يتضمن ذلك المقال هزءًا برجال الحديث، وتشكيكاً في عشرات الآلاف من الأحاديث – ذكر كاتب المقال أنها موضوعة وكاذبة ومزورة تعجُّ بمختلف أنواع الخرافة، أسهمت في وصول المسلمين إلى حالتهم الآن من التفرقة والتخلف والتأخر -!.
واقتبس نصوصاً من كلام الخطيب البغدادي والذهبي يزعمها تشهد له! فأقحمها في سياق كلامه، ولو كان التنافر بينها وبينه ظاهراً لكل شادٍ يطلب علم الحديث.
ثم عمد إلى السخرية ببعض أنواع علوم الحديث كالمسلسلات، وشنَّ حملةً على مسند عمر بن عبد العزيز، وعلى مؤلفه الباغندي رحمه الله، وعلى محققه العلامة الفاضل حفظه الله.
وقد قيل: إن من جهل شيئاً عاداه؛ فمن جهل ذلك الدَّعِي أعلن أنه: «ليس ثمة شيء اسمه علم حديث»، لأنه التبس عليه الفرق بين الحديث والرواية والطريق! فزعمَ غموضَ المصطلحِ وعدمَ دقتِه!
وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفتُه من الفهمِ السقيمِ.
ثُم زعم أنه يمكن أن يغربل – هو أو أفراخه – الأحاديث، ويعزل الأحاديث التي لم يعد لها علاقة بوقتنا كأحاديث المناقب والمواقيت والعتاقة والعبيد!
فهل يُريدُ بالمواقيت مواقيت الصلاة؟ أم مواقيت الحج؟ أم يريد الصلاة و الحج من باب المجاز المرسل بعلاقة الجزئية؟! وختمَ المبطل كلامَه بقوله: «وسأبقى قابعاً بانتظار من سيأتي لإثبات غيرته على السنة النبوية الشريفة؛ لا على قناعاته الموروثة»!.
وحتى أعلمَ ما يترتب على قَبْعِه، فتحتُ «مقاييس اللغة» لابن فارس، لعل فيه النبأ، فوجدتُ في مادة (قبع): «يقال: قَبَعَ الخنْزيرُ والقنفذُ، إذا أدخل رأسَه في عنقه»!
وقديماً كانت العرب تُشبه النمامَ بالقنفذ، ومنه قول
عَبْدة بن الطبيب:
قومٌ إذا دمَسَ الظلامُ عليهمُ جذعوا قنافِذَ بالنميمة تَمزعُ (2).
أما بعد:
فهذا الاستطراد قد جرَّ إليه: التباس الفرق بين الحديث والرواية والطريق على بعض من لم يسلك الطريق المشروعة، والجادة المسلوكة؛ فلم يدخل البيوتَ من أبوابها.
وقد تقدم بيان هذه الاصطلاحات الثلاثةِ وغيرها، وبيان استعمالات المحدثين لها مما ينفي كل لبس إلا على مُريد التلبيس و الإلباس.
والله تعالى حسيب المُضلِّين.
* * *
الغلط تحت اللَّغط:
انبرى الكاتب: برهان بخاري؛ بدافع من الدهشة والحيرة في كتابه ((نحو موسوعة للحديث النبوي الشريف، دراسات حديثية (1) في المصطلح)) يلوم أهل الحديث في استعمالهم المصطلحات: (حديث، رواية، إسناد، طريق) بشكل غير دقيق – حسب رأيه، وعلى حدِّ تعبيره -، وعدم توصيفها ورسم حدودها بشكل يجعل من كل واحدة منها وحدة معيارية ثابتة، صالحة لاستخدامها في مجالات العدِّ والإحصاءات المتنوعة والدراسات المختلفة – حسب تعبيره-.
لقد استعصى التمييز بين تلك الألفاظ والمصطلحات على الكاتب، وما ذاك إلا لأنه أعجمي عنها! فشأنه شأن من نزل بلداً لايعلم لغة أهلها، فكلما سمع لفظة هرع إلى (القواميس) التي تبيِّن معاني الألفاظ والمفردات في لغة بما يقابلها في لغة أخرى، لكنَّ تلك القواميس لا تفيد قارئها شيئاً من تذوق اللغة، وتقف عاجزة عن إفهامه روائع البيان وأسرار البلاغة!.
إنَّ الحديث، والرواية، والإسناد، والطريق: ألفاظ تحمل معان مستقرة في أذهان المحدِّثين، لا يحوجهم فهمها إلى ألفاظ معيارية، وإن كان لبعضها أكثر من معنى فإنهم يحددون المراد بدقة اعتماداً على سياق الكلام وسِباقه ولحاقه. لكنَّ الغريبَ عن كلِّ علم يجد من نفسه حاجةً إلى (كتالوج) يبين له مايخفى عليه من الواضحات!.
¥