تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إجماع الصحابة على تكفير مانعي الزكاة بمجرد المنع، دون النظر إلى إقرارهم بالوجوب أو الجحد. ودليله حديث أبي هريرة قال: لما توفي النبي r واسْتُخْلِفَ أبو بكر، وكَفَر من كَفَر من العرب، قال عمر: «يا أبا بكر، كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله r: " أُمِرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عَصَم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابُهُ على الله"؟». قال أبو بكر: «والله لأقاتِلَنّ من فَرَّق بين الصلاة والزكاة. فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عَنَاقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله r لقاتلتهم على منعها». قال عمر: «فو الله ما هو إلا أن رأيت أنْ قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق». متفق عليه واللفظ للبخاري (#6924) في باب «قتل من أبى قبول الفرائض وما نُسبوا إلى الردّة» بكتاب «استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم».

ودليل تكفير أبي بكر t لمانعي الزكاة قوله «والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة». وقد استقر إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة ووجوب قتله إن لم يتب، فدلت تسويته بين الصلاة والزكاة على أن مانعي الزكاة عنده كفار يجب قتالهم. ومن زعم أنه سوّى بين تارك الصلاة ومانع الزكاة في العقوبة (القتل) دون الحكم (الكفر) فقد أخطأ. فقد سوّى بينهما أبو بكر تسوية مطلقة تشتمل على الحكم والعقوبة. ويدل عليه قول أبي هريرة «وكفر من كفر من العرب». وهو اختيار البخاري كما ذكره في ترجمة الباب «وما نُسبوا إلى الرِدّة». وقد وافق الصحابة أبا بكر فيما ذهب إليه، فكان هذا إجماعاً منهم على كفر مانعي الزكاة وإقراراً منهم بفضيلة أبي بكر وأعلميته، كما قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (13

237): «وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن أبا بكر أعلم الأمة بالباطن والظاهر، وحكى الإجماع على ذلك غير واحد». وقال أيضاً (35

124): «بل أبو بكر الصديق لا يُحفظ له فتيا أفتى فيها بخلاف نص النبي r. وقد وُجِد لعَلِيّ وغيره من الصحابة أكثر مما وُجد لعمر». وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (4

119): «فإن اختَلَف أبو بكر وعمر، فالصواب مع أبي بكر. وهذه جملة لا يعرف تفصيلها إلا من له خبرة واطلاع على ما اختلف فيه الصحابة وعلى الراجح من أقوالهم».

ولم يُنقل أن الصحابة ساروا في قتال مانعي الزكاة سيرة تختلف عن سيرتهم في قتال سائر المرتدين، كقوم مسيلمة الكذاب وغيرهم. فدَلّ على أنهم لم يفرقوا بينهم، بخلاف ماصنع عَلِيّ بن أبي طالب في قتاله للبغاة في وقعة الجمل وصفين. إذ أخبر جيشه بأن لا يجهزوا على جريح وألا يتبعوا مُدْبراً. قال ابن تيمية في منهاج السنة (4

496): «وقد تواتر عن عَلِيّ يوم الجمل لما قاتلهم أنه لم يتبع مدبرهم ولم يُجهز على جريحهم ولم يغنم لهم مالاً ولا سبى لهم ذرية».

وممن نقل إجماع الصحابة على تكفير مانعي الزكاة: القاضي أبو يعلى صاحب "الأحكام السلطانية"، قال في "مسائل الإيمان" (ص330): «وأيضاً فإنه إجماع الصحابة. وذلك أنهم نسبوا الكفر إلى مانع الزكاة وقاتلوه وحكموا عليه بالردة، ولم يفعلوا مثل ذلك بمن ظهر منه الكبائر. ولو كان الجميع كفراً لسَوّوا بين الجميع». ونقل الإجماع كذلك أبو بكر الجصاص الحنفي في كتابه "أحكام القرآن" في تفسير قوله تعالى {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} (النساء:65)، قال: «وفي هذه الآية دلالة على أن من رد شيئاً من أوامر الله تعالى أو أوامر رسوله r فهو خارج من الإسلام، سواء ردّه من جهة الشك أو ترك القبول والامتناع من التسليم. وذلك يوجب صحة ما ذهب إليه الصحابة في حكمهم بارتداد من امتنع عن أداء الزكاة وقتلهم وسبي ذراريهم. لأن الله تعالى حكم بأن من لم يُسلم للنبي r وحكمه فليس من أهل الإيمان». وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28

519): «وقد اتفق الصحابة والأئمة بعدهم على قتال مانعي الزكاة، وإن كانوا يصلون الخمس ويصومون شهر رمضان. وهؤلاء لم يكن لهم شبهة سائغة، فلهذا كانوا مرتدين. وهم يُقاتلون على منعها وإن أقرّوا بالوجوب كما أمر الله». وقال ابن تيمية أيضاً (28

531): «وإذا كان السلف قد سمّوا مانعي الزكاة مرتدين –مع كونهم يصومون ويصلون ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين، فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلاً للمسلمين». وقال الشيخ عبد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير