ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[29 - 12 - 04, 08:27 ص]ـ
قال الشيخ أبو الحسن المأربي:
ومما استدل به من لم يكفر تارك الصلاة حديث حذيفة أن رسول الله e قال: "يَدْرُس الإسلام كما يَدْرُس وشي الثوب، حتى لا يُدْرَى ما صيام، ولا صلاة، ولا نسك، ولا صدقة، وليُسرى على كتاب الله عزوجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها" فقال صلة بن زفر: ما تغني عنهم "لا إله إلا الله"، وهم لا يدرون ما صلاة، ولا صيام، ولا نسك، ولا صدقة، فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثًا، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، قال: يا صلة، تنجيهم من النار، تنجيهم من النار، تنجيهم من النار.
رواه ابن ماجه (4049) والحاكم (4/ 545،473) من طريق أبي معاوية عن أبي مالك الأشجعي وهو سعد بن طارق وهو ثقة عن ربعي بن حراش عن حذيفة به.
ومن تأمل في هذه المواضع؛ علم أن علي بن محمد شيخ ابن ماجه، وهو ثقة عابد، رواه باللفظ السابق، وخالفه أبوكريب، وهو ثقة حافظ، فرواه بدون ذكر الصلاة أصلاً، وتابعه أحمد بن عبدالجبار التميمي العطاردي الكوفي في الموضع الثاني عند الحاكم والعطاردي ضعيف، ولكنه لم ينفرد، فالراجح عن أبي معاوية عدم ذكر هذه اللفظة.
ورواية أبي كريب عند الحاكم، وشيخه هو الحفيد أبوبكر محمد بن عبدالله ابن محمد بن يوسف النيسابوري، ترجمته في"الأنساب" (2/ 240) و "الجواهر المضية في طبقات الحنفية" (3/ 198) تدل على رحلته وكثرة سماعه وطلبه، لولا مجون كان فيه، و قد تُكُلِّم فيه بأنه كان يشرب المسكر على مذهبه، وكان يشربه، ولا يستره، وهذا غير قادح في العدالة في الرواية، كما هو مصرح به في "الأنساب"، والرجل قد يشرب ما يعدّه حلالاً، ويعده غيره حرامًا، فالتأويل يدفع فسق الشهوة، والحفيد هذا يرويه عن جده عن أبي كريب، وجده هو العباس بن حمزة الواعظ الزاهد، قال عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام": كان من علماء الحديث.
وفيات سنة (281 - 290) ص (196)، ووصفه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (26/ 245) بأنه رحل في طلب الحديث.
وعلى كل حال، فالسند بهذا يثبت إلى أبي كريب، وقد رواه البزّار: ثنا أبوكريب .... فذكره مرفوعًا مختصرًا بلفظ: "يدرس الإسلام، كما يدرس وشي الثوب"، انظر "البحر الزخار" (7/ 2838) وقال: وهذا الحديث رواه جماعة عن أبي مالك عن ربعي عن حذيفة، ولا نعلم أحدًا أسنده إلا أبوكريب عن أبي معاوية.
وقد سبق أن تابعه علي بن محمد وهو الطنافسي والعطاردي.
.. ورواه نعيم بن حماد الخزاعي في "الفتن" (2/ 598/1665): ثنى أبومالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة قال ..... فذكره موقوفًا بدون الصلاة.
.. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (5/ 335) إلى البيهقي، بدون ذكر الصلاة، فينظر هل يرويه عن راو آخر عن غير من ذَكَرْتُ، أو أنه عند البيهقي من طريق أحدهم، فإن كانت الأولى؛ فهذا مما يقوي أيضًا عدم ذكر الصلاة، والله أعلم.
.. وخالفهم محمد بن فضيل، فرواه عن أبي مالك عن ربعي عن حذيفة موقوفًا به بذكر الصلاة، أخرجه الحاكم (4/ 505) ومحمد بن فضيل هو ابن غزوان صدوق عارف، ورواه أبو عوانة عن أبي مالك عن ربعي عن حذيفة مرفوعًا، بذكر الصلاة، أخرجه مسدد في "مسنده" عن أبي عوانة به، انظر ما قاله البوصيري في "مصباح الزجاجة" (3/ 254) تحت رقم (1429)، وعزاه كذلك الصالحي في "سبيل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد" (10/ 161) إلى مسدد، وقال: ورجاله ثقات.
وقد أخرجه البزار في "البحر الزخار" (7/ 260/2839): ثنا أبوكامل أنا أبوعوانة عن أبي مالك عن ربعي عن حذيفة نحوه موقوفًا، قال ذلك البزار بعد حديث أبي كريب المختصر بلفظ: "يدرس الإسلام، كما يدرس وشي الثوب"، فإن كانت رواية أبي كريب ليس فيها ذكر الصلاة كما هو ظاهر من إحالة البزار ففي هذا اختلاف على أبي عوانة، بين مسدد وأبي كامل، فأبو كامل لم يذكر الصلاة في روايته عن أبي عوانة، ورواها مسدد، وكلاهما ثقة حافظ، وأبوعوانه ثقة ثبت إذا حدث من كتابه، فإن حدث من حفظه؛ فله أغلاط، وليس عندنا ما يدل على رواية هذا الحديث من كتابه، فقد تحمل العهدة عليه في ذلك، لكن لا حاجة لهذا كله، فمخالفه أبومعاوية ممن يخطئ في غير الأعمش، وهو هنا يروي عن غير الأعمش،
¥