تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الدلالة المحكمة لآية الحجاب على وجوب تغطية الوجه]

ـ[لطف الله خوجه]ــــــــ[29 - 12 - 04, 10:08 ص]ـ

الدلالة المحكمة لآية الحجاب على وجوب غطاء الوجه.

- قال الله تعالى: "وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن".

ذكر في سبب نزول هذه الآية، آية الحجاب، بعض الآثار المفسرة:

- منها ما روى الإمام البخاري في صحيحه بسنده: عن أنس قال: " قال عمر رضي الله عنه: قلت: يا رسول الله! يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب". [التفسير، باب قوله تعالى: "لا تدخلوا بيوت النبي"].

- وروى عنه قال: "أنا أعلم الناس بهذه الآية: آية الحجاب. لما أهديت زينب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت معه في البيت، صنع طعاما ودعا القوم، فقعدوا يتحدثون، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يخرج، ثم يرجع، وهم قعود يتحدثون، فأنزل الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه" إلى قوله: "من وراء حجاب"، فضرب الحجاب، وقام القوم". [المصدر السابق].

هذه الآية تضمنت أربعة أمور، هي:

1. مسألة، هي: الحجاب.

2. خطابا متجها إلى الأزواج (= أزواج النبي صلى الله عليه وسلم).

3. وحكما، هو: وجوب الحجاب الكامل (= سائر البدن مع غطاء الوجه والكف).

4. وعلة للحكم، هي: تحصيل طهارة القلب.

فأما الثلاثة الأولى فلا يختلف قول عالم فيها .. لكن الخلاف في الرابعة:

- فمنهم من اعتبرها (= العلة)، فبنى عليها عموم الحكم لجميع النساء، بما فيهن الأزواج، لحاجة الجميع إلى طهارة القلب، وهم الموجبون تغطية الوجه على الجميع.

- ومنهم من أهملها (= العلة)، فجعل الحكم خاصا بمن خوطب بها، وهم الأزواج، وهم المبيحون كشف الوجه لسائر النساء، سوى الأزواج، وحجتهم أمران:

الأول: توجه الخطاب إليهن (= الأزواج).

الثاني: نصوص وآثار متشابهة، توهم جواز الكشف.

وأما القائلون بوجوب الغطاء للجميع، فكانت حجتهم الأوجه الخمسة التالية:

* * *

الوجه الأول: عموم العلة يلزم عنه عموم الحكم، وتأكد العلة يلزم عنه تأكد الحكم.

إذا ثبت أن الحكم في الآية معلل، فمتى وجدت العلة، فثم الحكم .. وهذا هو القياس المستعمل في الفقه.

والقياس هو: حمل فرع على أصل، في حكم، بجامع بينهما. فلا بد في كل قياس من: أصل، وفرع، وعلة، وحكم. وهذه أركان القياس [انظر: مذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص243]

وأركان القياس موجودة في هذه الآية:

فالأصل: أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، حيث الخطاب متجه إليهن.

والحكم: الحجاب الكامل عن الرجال.

والعلة: تحصيل طهارة القلب مطلوب لهن، وللرجال.

والفرع هو: سائر نساء المؤمنين.

فهل العلة موجودة فيهن؟. الجواب: نعم. تحصيل طهارة القلب مطلوب لهن، وللرجال.

إذن فالعلة واحدة في الجميع، وعليه فالحكم واحد للجميع.

فمدار الحكم على العلة، ولا يمكن أن يدعي أحد استغناءه عن تحصيل طهارة القلب، ولا أن نساء المؤمنين لسن في حاجة إلى تحصيل طهارة القلب، ولا يصح إبطال هذه العلة الظاهرة من الآية، لأمرين:

الأول: لوضوحها علة للحكم.

الثاني: لأن الكلام حينئذ يكون معيبا، حاشا كلام الله تعالى.

قال الشنقيطي في تفسيره [6/ 584]: "في هذه الآية الكريمة الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب عام في جميع النساء، لا خاص بأزواجه صلى الله عليه وسلم، وإن كان أصل اللفظ خاصا بهن، لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه، ومسلك العلة الذي دل على أن قوله تعالى: "ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" هو علة قوله تعالى: "فاسألوهن من وراء حجاب"، هو المسلك المعروف في الأصول بمسلك الإيماء والتنبيه، وضابط هذا المسلك المنطبق على جزئياته: هو أن يقترن وصف بحكم شرعي على وجه لو لم يكن فيه ذلك الوصف علة لذلك الحكم لكان الكلام معيبا عند العارفين".

فالعلة في الآية هي: طهارة القلب. وإذا لم تكن هذه علة الحكم، فالكلام حينئذ معيب، بحسب هذا المسلك الأصولي: مسلك الإيماء والتنبيه. كما ذكر الشيخ رحمه الله، وحاشا لكلام الله تعالى أن يكون معيبا، بل كونها علة الحكم، شيء ظاهر ليس خفيا، فإذا ثبتته علتها، انتفى التخصيص، لأن العلة حيثما وجدت وجد الحكم، وحينئذ فالحكم هو العموم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير