تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

موقوفة لذلك , فهذا هو الذي يجوز فيه الحبس فقط , وأما ما لم يأت فيه نص فلا يجوز تحبيسه لما ذكرنا - وبالله تعالى التوفيق. ومن عجائب الدنيا قول من لا يتقي الله تعالى: أن صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما جازت لأنه كان لا يورث وأن صدقات الصحابة رضي الله عنهم إنما جازت لأن الورثة لم يردوها , وأن يونس بن عبد الأعلى روي عن ابن وهب عن مالك عن زياد بن سعد عن الزهري أن عمر بن الخطاب قال: لولا أني ذكرت صدقتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لرددتها قال أبو محمد: أما قولهم إن صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جازت ; لأنه لا يورث - فقد كذبوا ; بل لأنه عليه الصلاة والسلام جعلها صدقة , فلذلك صارت صدقة هكذا -: روينا من طريق قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا يوسف بن عدي نا أبو الأحوص - هو سلام بن سليم - عن أبي إسحاق السبيعي عن عمرو بن الحارث - هو أخو جويرية أم المؤمنين - قال {ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا , ولا درهما , ولا عبدا , ولا أمة , إلا بغلته البيضاء , وأرضا جعلها صدقة}. وأما قوله: إنه عليه الصلاة والسلام لم يورث - فنعم , وهذا لا يوجب الصدقة بأرضه , بل تباع فيتصدق بالثمن -: فظهر فساد قولهم. وأما قولهم: إنما جازت صدقات الصحابة رضي الله عنهم ; لأن الورثة أجازوها - فقد كذبوا , ولقد ترك عمر ابنيه زيدا وأخته صغيرين جدا , وكذلك عثمان , وعلي , وغيرهم , فلو كان الحبس غير جائز لما حل ترك أنصباء الصغار تمضي حبسا. وأما الخبر الذي ذكروه عن مالك - فمنكر وبلية من البلايا , وكذب بلا شك , ولا ندري من رواه عن يونس ولا هو معروف من حديث مالك وهبك لو سمعناه من الزهري لما وجب أن يتشاغل به ولقطعنا بأنه سمعه ممن لا خير فيه , كسليمان بن أرقم , وضربائه. ونحن نبت ونقطع بأن عمر رضي الله عنه لم يندم على قبوله أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما اختاره له في تحبيس أرضه وتسبيل ثمرتها والله تعالى يقول: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}. وليت شعري إلى أي شيء كان يصرف عمر تلك الصدقة لو ترك ما أمره به عليه الصلاة والسلام فيها. حاش لعمر من هذا. وزادوا طامة , وهي أن شبهوا هذا بتندم عبد الله بن عمرو بن العاص إذ لم يقبل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم ثلاثة أيام من كل شهر. قال أبو محمد: ليت شعري أين ذهبت عقولهم؟ وهل يندم عبد الله إلا على ما يحق التندم عليه من تركه الأمر الذي أشار به عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أول مرة ووقف عند المشورة الأخيرة - وهذا ضد ما نسبوا إلى عمر مما وضعه عليه من لا يسعد الله جده من رغبته عن أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جملة لا ندري إلى ماذا؟ فوضح فساد قول هؤلاء المحرومين جملة - ولله الحمد. وأما قولنا: جائز أن يسبل المرء على نفسه وعلى من شاء , فلقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: {ابدأ بنفسك فتصدق عليها}. وقال لعمر {تصدق بالثمرة} فصح بهذا جواز صدقته على نفسه , وعلى من شاء - وهو قول أبي يوسف , وغيره - وبالله تعالى التوفيق))

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير