[حديث مشكل في صحيح مسلم]
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[31 - 12 - 04, 03:03 م]ـ
روى مسلم في صحيحه عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: إِنِّي لَقَاعِدٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ بِنِسْعَةٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا قَتَلَ أَخِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَتَلْتَهُ فَقَالَ إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ قَالَ نَعَمْ قَتَلْتَهُ قَالَ كَيْفَ قَتَلْتَهُ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ نَخْتَبِطُ مِنْ شَجَرَةٍ فَسَبَّنِي فَأَغْضَبَنِي فَضَرَبْتُهُ بِالْفَأْسِ عَلَى قَرْنِهِ فَقَتَلْتُهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ لَكَ مِنْ شَيْءٍ تُؤَدِّيهِ عَنْ نَفْسِكَ قَالَ مَا لِي مَالٌ إِلَّا كِسَائِي وَفَأْسِي قَالَ فَتَرَى قَوْمَكَ يَشْتَرُونَكَ قَالَ أَنَا أَهْوَنُ عَلَى قَوْمِي مِنْ ذَاكَ فَرَمَى إِلَيْهِ بِنِسْعَتِهِ وَقَالَ دُونَكَ صَاحِبَكَ فَانْطَلَقَ بِهِ الرَّجُلُ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ فَرَجَعَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ وَأَخَذْتُهُ بِأَمْرِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَعَلَّهُ قَالَ بَلَى قَالَ فَإِنَّ ذَاكَ كَذَاكَ قَالَ فَرَمَى بِنِسْعَتِهِ وَخَلَّى سَبِيلَهُ
وفي رواية أخرى لمسلم أيضاً
أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا فَأَقَادَ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ مِنْهُ فَانْطَلَقَ بِهِ وَفِي عُنُقِهِ نِسْعَةٌ يَجُرُّهَا فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فَأَتَى رَجُلٌ الرَّجُلَ فَقَالَ لَهُ مَقَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَلَّى عَنْهُ.
والمشكل في الحديثين قوله صلى الله عليه وسلم:
«إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ» وقول: «الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ»
أرجو الإفادة جزيتم خيراً حيث إن هذا الحديث لم يتعرض لحل إشكاله إلا عدد يسير من العلماء.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[31 - 12 - 04, 04:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي أحمد القصير وفقه الله
هذه مشاركة مني في هذا الموضوع وفي انتظار المزيد من لإخوة
قال النووي رحمه الله في المنهاج
باب صحة الإِقرار بالقتل وتمكين وليّ القتيل من القصاص، واستحباب طلب العفو منه
أما قوله صلى الله عليه وسلم: إن قتله فهو مثله فالصحيح في تأويله أنه مثله في أنه لا فضل ولا منة لأحدهما على الاَخر لأنه استوفى حقه منه، بخلاف ما لو عفى عنه فإنه كان له الفضل والمنة وجزيل ثواب الاَخرة وجميل الثناء في الدنيا، وقيل فهو مثله في أنه قاتل وإن اختلفا في التحريم والإباحة لكنهما استويا في طاعتهما الغضب ومتابعة الهوى لا سيما وقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم منه العفو، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال بهذا اللفظ الذي هو صادق فيه لا يهام لمقصود صحيح وهو أن الولي ربما خاف فعفا والعفو مصلحة للولي والمقتول في ديتهما لقوله صلى الله عليه وسلم: يبوء بإثمك وإثم صاحبك، وفيه مصحلة للجاني وهو إنقاذه من القتل، فلما كان العفو مصلحة توصل إليه بالتعريض، وقد قال الضمري وغيره من علماء أصحابنا وغيرهم: يستحب للمفتي إذا رأى مصلحة في التعريض للمستفتي أن يعرض تعريضاً يحصل به المقصود مع أنه صادق فيه، قالوا: ومثاله أن يسأله إنسان عن القاتل هل له توبة ويظهر للمفتي بقرينة أنه إن أفتى بأن له توبة ترتب عليه مفسدة وهي أن الصائل يستهون القتل لكونه يجد بعد ذلك منه مخرجاً فيقول المفتي الحالة هذه صح عن ابن عباس أنه قال لا توبة لقاتل فهو صادق في أنه صح عن ابن عباس، وإن كان المفتي لا يعتقد ذلك ولا يوافق ابن عباس في هذه المسألة لكن السائل إنما يفهم منه موافقتهم ابن عباس فيكون سبباً لزجره فهكذا وما أشبه ذلك كمن يسأل عن الغيبة في الصوم هل يفطر بها فيقول جاء في الحديث الغيبة تفطر الصائم والله أعلم. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "القاتل والمقتول في النار" فليس المراد به في هذين فكيف تصح إرادتهما مع أنه إنما أخذه ليقتله بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، بل المراد غيرهما وهو إذا التقى المسلمان بسيفيهما في المقاتلة المحرمة كالقتال عصبية ونحو ذلك فالقاتل والمقتول في النار، والمراد به التعريض كما ذكرناه، وسبب قوله ما قدمناه لكون الولي يفهم منه دخوله في معناه ولهذا ترك قتله فحصل المقصود والله أعلم.
¥