[بحث فى عدم جواز الإستعانة بالجن وإن كان مؤمنا]
ـ[أبو المنذر المصرى]ــــــــ[02 - 01 - 05, 05:30 م]ـ
إن الحمد لله تعالى، نحمده، ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهده الله تعالى فلا مُضلَ له، ومن يُضلِل فلا هادى له
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم
(يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)
(يأيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفسٍ واحده وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءَ واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)
(يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يُصْلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يُطِعِ الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما)
أما بعد
فإن أحسن الكلام كلامُ الله، وخير الهَدّى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وشر الأمور مُحدثاتها،وكل مُحدَثَةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالة فى النار.
أما بعد
أقول والله المستعان وعليه التكلان
الأدلة على عدم جواز الإستعانة
بالجن وإن كان مؤمناً
""""""""""""""""""""""""""""""
1 - من الكتاب:
(ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون)
أى أكثر الناس مؤمنون بقدرة الجن على النفع والضر والمساعدة
(وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا)
ولما لم يأت فى الآيات تقيدٌ بالجن الكافر، فإن التحريم يُؤخذ على المُطلق وليس على المُقًيًد، أى على عموم طرائق الجن برها وفاجرها.
2 من السُنة:
أخرج الإمام الترمذى وأحمد والحاكم من حديث بن عباس (أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيده وقال: يا غُلام إنى أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك،احفظ الله تجده تجاهك،اذا سألت فاسأل الله، واذا استعنت فاستعن بالله ..... إلى آخر الحديث
*والإستعانة بالمخلوقات جائزة، وتندرج تحت باب الإستعانة بالله والأخذ بالأسباب وذلك بأربعة شروط:
أولاً: أن يكون المُستعان به ممن أذن الله ورسوله الإستعانة به لقضاء الحاجات، كالإنسان والدواب والأنعام والطير ...
ثانياً: أن تكون الحاجات مُباحة ومأذونٌ فيها، فقد يحل الإستعانة
بنفس المخلوق فى حاجاتِ بعينها دون الأخرى
كجواز الإستعانة بالكلب فى الصيد والرعى دون غيرها من الأمور.
ثالثا: اليقين بأن النافع والضار هو الله تبارك وتعالى.
رابعاً: ألا تؤدى تلك الإستعانة إلى مفسدة، وفى ذلك فإن المفاسد تُقَدَر بقدرها، فلا يُتركُ الأمر على عمومة، وإنما تُقاس المفاسد والمصالح لكل حالة.
والإستعانة بأى مخلوق لا يكون من باب الأخذ بالأسباب إلا بالشروط السابقة
فإن خالف أحدها فقد إنتفت عنه صفة الأخذ بالأسباب وفى هذا الشأن نجد أنه خالف أول شرطٍ
*سُئل الشيخ بن عثيمين يرحمه الله عن الإستعانة بالجن المؤمن لمعرفة ما إذا كان إنسان ما مسحور أو ما شابه ذلك فقال:
"وهو سبحانه قادر على إنزال النعم، وإزالة الضُر والسقم من غير احتياج منه إلى أن يُعَرِفَهُ أحد أحوال عبادة أو يُعينه على قضاء حوائجهم، والأسباب التى بها يحصل ذلك هو خلقها ويسرها وهو مُسبب الأسباب " انتهى كلام الشيخ
*سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله
-هل يجوز الإستعانة بالجن؟
فأجاب:-
"الإستعانة بالجن واللجوء إليهم فى قضاء الحاجات من الإضرار بأحد أو نفعة شركٌ فى العبادة، لأنه نوع من الإستمتاع بالجنى بإجابته سؤاله وقضائه حوائجه فى نظير إستمتاع الجنى بتعظيم الإستعانة به ولجوئه اليه واستعانته به فى تحقيق رغبته فيما وراء الأسباب. " انتهى كلام الشيخ
"أقول: وفى كلام الشيخ نُكتة لطيفة، ففى قوله "فى نظير
استمتاع الجنى بتعظيم الإستعانة به ولجوئه واستعانته به"
دلالة على كون الجنى غير كافر
فمما لا يخفى أن الجنى الكافر يطلب أول ما يطلب كفراً بواحاً
نظير الإستعانة به.
ويُلاحَظ هذا الأمر أيضاً بين الإنس
فإن المسلم اذا استعان بكافرموتور سيساعده فى نظير خروجه عن دينه
أما إن استعان المسلم بالمسلم فإن المُستعان به قد تحدثه نفسه
بالسعادة لكونه ممن يُرجَى اللجوء اليه
*وسُئل الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله
-هل يجوز استخدام الجن فى العلاج؟
فأجاب:-
" لم يثبت ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، فالأولى تركه " انتهى كلام الشيخ
"أقول: * قول الشيخ "لم يثبت ذلك" أي استخدام
الجن المؤمن وهذا لا جدال فيه
أما قوله "فالأولى تركه" فليست أولى هنا من باب كراهة التنزيه
لأن الشيخ نهى عن الإستعانة بالجن المؤمن مطلقاً فى فتواه السابقة.
و أقول
(إن بعض المسلمين يقول: إننا لا نستعين بهم للعلاج، و إنما فقط
للتأكد هل فلان من الناس ممسوس أو مسحور أم لا، ثم إن تأكدنا من ذلك دعونا الله ليكشف عنه ما هو فيه، فهو مجرد سبب فقط)
فأقول
" إن هذا لهو الضلال بعينه، فما دُمت ستتوجه إلى الله بالدعاء
فهل الله بحاجة إلى معرفة الداء ليكشفه؟؟؟
سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيرا
إنك وكأنك تسأل الله قائلاً:
اللهم ها قد يسرنا لك الأمر، وما عليك الا الشفاء.
نعوذ بالله من الخذلان.
ثم، ما يدريك أنك ستتوقف عند المعرفة فقط، سرعان ما سيوسوس
لك شيطانك بأن أقدر الناس على العلاج هو من عرف الداء.
وما لم تكن لك نفسٌ لوامة
فإن الله سييسر لهذا الجنى أن يكشف الضر
لتزداد تعلقاً به، ومن ثم تتجه له إذا ما ضاقت بك السُبل
فتُعرض عن ذكر الله وسؤاله الى سؤال هذا الجنى.
وصدق الله
"قل من كان فى الضلالة فليُمدد له الرحمن مدا"
"سنستدرجهم من حيث لا يعلمون"
" ومن يُعرض عن ذكر الرحمن نُقيض له شيطاناً فهو له قرين "
هذا ما قد أسلفت، والكل يؤخذ من قوله ويُرد
وأستغفر الله لى ولكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو المنذر المصرى
¥