تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الخنساء]ــــــــ[03 - 01 - 05, 06:07 م]ـ

رابعا: بيان نماذج من البدع المعاصرة

البدع المعاصرة كثيرة بحكم تأخر الزمن، وقلة العلم، وكثرة الدعاة إلى البدع والمخالفات، وسريان التشبه بالكفار في عاداتهم وطقوسهم؛ مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم) [رواه الترمذي وصححه].

-الاحتفال بمناسبة المولد النبوي في ربيع الأول

وقد ألف في إنكار هذه البدعة كتب ورسائل قديمة وحديثة، وهو علاوة على كونه بدعة وتشبها؛ فإنه يجر إلى إقامة موالد أخرى؛ كموالد الأولياء والمشايخ والزعماء، فيفتح أبواب شر كثيرة.

-التبرك بالأماكن والآثار والأشخاص أحياء وأمواتا

التبرك: طلب البركة، وهو ثبات الخير في الشيء وزيادته.

وطلب ثبوت الخير وزيادته إنما يكون ممن يملك لك ويقدر عليه، وهو الله سبحانه؛ فهو الذي ينزل البركة ويثبتها، أما المخلوق؛ فإنه لا يقدر على منح البركة وإيجادها، ولا على إبقائها وتثبيتها.

فالتبرك بالأماكن والآثار والأشخاص أحياء وأمواتا لا يجوز؛ لأنه إما شرك إن اعتقد أن ذلك الشيء يمنح البركة، أو وسيلة إلى الشرك إن اعتقد أن زيارته وملامسته والتمسح به سبب لحصولها من الله.

وأما ما كان الصحابة يفعلونه من التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم وريقه وما انفصل من جسمه صلى الله عليه وسلم؛ فذلك خاص به صلى الله عليه وسلم في حال حياته؛ بدليل أن الصحابة لم يكونوا يتبركون بحجرته وقبره بعد موته، ولا كانوا يقصدون الأماكن التي صلى فيها أو جلس فيها ليتبركوا بها، وكذلك مقامات الأولياء من باب أولى، ولم يكونوا يتبركون بالأشخاص الصالحين كأبي بكر وعمر وغيرهما من أفاضل الصحابة؛ لا في الحياة ولا بعد الموت، ولم يكونوا يذهبون إلى غار حراء ليصلوا فيه أو يدعوا، ولم يكونوا يذهبون إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى ليصلوا فيه ويدعوا، أو إلى غير هذه الأمكنة من الجبال التي يقال: إن فيها مقامات الأنبياء أو غيرهم، ولا إلى مشهد مبني على أثر نبي من الأنبياء.

وأيضا؛ فإن المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيه بالمدينة النبوية دائما لم يكن أحد من السلف يستلمه ولا يقبله، ولا الموضع الذي صلى فيه بمكة وغيرها؛ فإذا كان الموضع الذي كان يطؤه بقدميه الكريمتين ويصلي عليه لم يشرع لأمته التمسح به ولا تقبيله؛ فكيف بما يقال: إن غيره صلى فيه أو نام عليه؟! فتقبيل شيء من ذلك والتمسح به قد علم العلماء بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا ليس من شريعته صلى الله عليه وسلم.

-البدع في مجال العبادات والتقرب إلى الله

البدع التي أحدثت في مجال العبادات في هذا الزمان كثيرة؛ لأن الأصل في العبادات التوقيف؛ فلا يشرع شيء منها إلا بدليل، وما لم يدل عليه دليل؛ فهو بدعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا؛ فهو رد).

والعبادات التي تمارس الآن ولا دليل عليها كثيرة جدا:

-منها: الجهر بالنية للصلاة؛ بأن يقول: نويت أصلي لله كذا وكذا! وهذا بدعة؛ لأنه ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الله تعالى يقول: {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، والنية محلها القلب؛ فهي عمل قلبي لا عمل لساني.

-ومنها: الذكر الجماعي بعد الصلاة؛ لأن المشروع أن كل شخص يقول الذكر الوارد منفردا.

-ومنها: طلب قراءة الفاتحة في المناسبات وبعد الدعاء للأموات.

-ومنها: إقامة المآتم على الأموات وصناعة الأطعمة واستئجار المقرئين؛ يزعمون أن ذلك من باب العزاء، أو أن ذلك ينفع الميت. . . وكل ذلك بدعة لا أصل له وآصار وأغلال ما أنزل الله بها من سلطان.

-ومنها: الاحتفال بالمناسبات الدينية؛ كمناسبة الإسراء والمعراج، ومناسبة الهجرة النبوية، وهذا الاحتفال بتلك المناسبات لا أصل له من الشرع.

-ومن ذلك: ما يفعل في شهر رجب؛ كالعمرة الرجبية، وما يفعل فيه من العبادات الخاصة به؛ كالتطوع بالصلاة والصيام فيه؛ فإنه لا ميزة له على غيره من الشهور؛ لا في العمرة والصيام والصلاة والذبح للنسك فيه ولا غير ذلك.

-ومن ذلك: الأذكار الصوفية بأنواعها؛ كلها بدع ومحدثات؛ لأنها مخالفة للأذكار المشروعة في صيغتها وهيئاتها وأوقاتها.

-ومن ذلك: تخصيص ليلة النصف من شعبان بقيام ويوم النصف من شعبان بصيام؛ فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء خاص به.

-ومن ذلك: البناء على القبور، واتخاذها مساجد، وزيارتها لأجل التبرك بها والتوسل بالموتى وغير ذلك من الأغراض الشركية، وزيارة النساء لها؛ مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج.

وختاما نقول: إن البدع بريد الكفر، وهي زيادة دين لم يشرعه الله ولا رسوله، والبدعة شر من المعصية الكبيرة، والشيطان يفرح بها أكثر مما يفرح بالمعاصي الكبيرة؛ لأن العاصي يفعل المعصية وهو يعلم أنها معصية فيتوب منها، والمبتدع يفعل البدعة يعتقدها دينا يتقرب به إلى الله فلا يتوب منها، والبدع تقضي على السنن، وتكره إلى أصحابها فعل السنن وأهل السنة، والبدعة تباعد عن الله وتوجب غضبه وعقابه وتسبب زيغ القلوب وفسادها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير