تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: أن العمل يكفي لثبوت مشروعيته أي نص ثابت،ولا يلزم منه أن يعمله هو – صلى الله عليه وسلم - فهاهم الناس يصومون ستاً من شوال اعتماداً على حديث أبي أيوب المشهور،وغيره من الأحاديث،مع أنه ـ حسب علمي ـ لم يثبت حديث واحد يدل على أنه – صلى الله عليه وسلم - يصومه،فهل يمكن لأحد أن يقول لا يشرع صوم الست لأنه – صلى الله عليه وسلم - لم يثبت عنه صومها؟! لا أعلم أحداً يقول بهذا بناء على هذا المأخذ الأصولي،وأما خلاف الإمام مالك ـ رحمه الله ـ فلم يكن يرى مشروعية صيامها،ليس بناء على هذا المأخذ،وإنما لأسباب أخرى معلومة عند أهل العلم، وليس هذا المقام مناسبا لذكرها.وقل مثل هذا في سنن كثيرة العمدة فيها على عموميات قولية،لم يثبت عنه – صلى الله عليه وسلم -فعلها بنفسه،كصيام يوم وإفطار يوم، وصيام يوم عرفة ـ الذي هو أحد أيام العشر ـ وغيرها من الأعمال الصالحة.

الثالث: وهو مبني على ما سبق،أن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة،بل هو العمل الوحيد الذي اختص الله تعالى بجزائه ـ فرضاً ونفلاً ـ وورد في فضل نوافله أحاديث كثيرة يمكن لمن أراد الوقوف على بعضها،أن يطالع رياض الصالحين للنووي،أو جامع الأصول لابن الأثير،وغيرها من الكتب.وقد راجعت كثيراً من كتب الفقهاء،وإذا هم يذكرون من جملة ما يستحب صيامه صيام أيام العشر ـ أي سوى العيد كما هو معلوم ـ ولم أر أحداً ذكر أن صيامها لا يشرع أو يكره،بل إن ابن حزم – رحمه الله – على ظاهريته قد قال باستحباب صيام أيام العشر. والذي دعاني للإطالة في هذا المقام ـ مع ظهوره ووضوحه ـ هو أنني وقفت على كلام لبعض إخواني من طلبة العلم،ذكر فيه أن من جملة أخطاء الناس في العشر صيام هذه الأيام!! حتى أحدث كلامه هذا بلبلة عند بعض العامة الذين بلغهم هذا الكلام،ولا أعلم أحداً قال بهذا من أهل العلم في القرون الغابرة ـ حسب ما وقفت عليه ـ،ولا أدري ما الذي أخرج الصيام من جملة العمل الصالح؟.وبما تقدم تفصيله يمكن الجواب عما استشكله ذلك الأخ وغيره،والله تعالى أعلم.أما الأحاديث الخاصة، فسأذكر حالها بشيء من الإجمال ـ والتفصيل لا تحتمله هذه الفتوى ـ فللتفصيل موضع آخر، وذلك كما يلي: أولاً: قال أبو داود 2/ 815 باب في صوم العشر ح (2437): حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن الحرّ بن الصيّاح، عن هنيدة بن خالد، عن امرأته، عن بعض أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم - قالت: " كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر والخميس ".

تخريجه:*أخرجه النسائي 4/ 205 باب صوم النبي – صلى الله عليه وسلم - ح (2372)،وفي باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ح (2417، 2418)،وأحمد 5/ 271،6/ 288،423 من طرق عن أبي عوانة به بنحوه، إلاّ أن في ألفاظهم: " أول اثنين وخميسين "، وهذا هو الموافق لقولها: " ثلاثة أيام "، وأما رواية أبي داود فقد سبق الإشارة إلى أنها في بعض روايات السنن: " والخميس والخميس " بالتكرار.*وأخرجه النسائي 4/ 220،باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ح (2416)،وأحمد 6/ 287، وابن حبان 14/ 332 ح (6422) من طريق أبي إسحاق الأشجعي،عن عمرو بن قيس الملائي،والنسائي في " الكبرى " 2/ 135، باب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ح (2723) من طريق زهير بن معاوية أبي خثيمة، والنسائي في " الكبرى " 2/ 135، باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ح (2722)، من طريق شريك، ثلاثتهم (عمرو، وزهير، وشريك) عن الحر بن الصياح، عن هنيدة، عن حفصة، إلاّ أن لفظ عمرو هو: " أربع لم يكن يدعهن النبي – صلى الله عليه وسلم -: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين قبل الغداة "، ولفظ زهير: " كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، أول اثنين من الشهر، ثم الخميس، ثم الخميس الذي يليه "، ورواه شريك فجعله من مسند ابن عمر بلفظ حديث زهير. *وأخرجه أبو داود 2/ 822، باب من قال الاثنين والخميس ح (2452) عن زهير بن حرب، والنسائي 4/ 221، باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ح (2419) عن إبراهيم الجوهري، وأحمد 6/ 289، 310، ثلاثتهم (زهير، والجوهري، وأحمد) عن محمد بن فضيل،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير