تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومما يؤيد أن شريكا كان من المكثرين ما نقله الذهبي عن ابن أبي حاتم أنه سأل أبو زرعة عن شريك: يحتج به؟ فقال:" كثير الحديث، صاحب وهم، يغلط أحيانا" {ميزان الاعتدال:274/ 2}،و {الجرح و التعديل} لابن أبي حاتم {367/ 4}.

قال العجلي في" معرفة الثقات" {453/ 1}:" كان أروى الناس عنه إسحاق بن يوسف الأزرق الو اسطي، سمع منه تسعة ألاف حديث".

وقال ابن سعد في" الطبقات الكبرى" {379/ 6}:" ثقة مأمون كثير الحديث، ويغلط كثيرا."

قال الإمام أحمد:" قديم السماع من أبي إسحاق"

و التفرد قد يكون لأسباب منها: الضبط والإتقان،إذا كان المنفرد يفوق من خالفهم في الضبط والإتقان،وجودة الأداء، وقد يكون لكثرة الحفظ و المشايخ، وقدم السماع.

وتفرد شريك من القسم الثاني، فمن سمع أكثر من أقرانه و كان أقدم سماعا منهم، فلا بد وانه قد سمع مالم يسمعوه.

وعليه، و باعتبار المتابعات و الشواهد، وفتاوى الصحابة و التابعين يظهر أن سبب تفرد شريك كثرة الحفظ، وقدم السماع.

فهذا التحليل مما لا يجب إهماله عند التعرض لأحاديث المنفردين،و بخاصة إذا علمنا أن في تلك العصور القديمة كان الانفراد دليل قدم الطلب وسعته.

ثم إن التفرد يصير علة قادحة إذا خالف المنفرد من هو أو ثق منه، وهذا الذي حاول الشيخ ناصر تقريره عندما نقل قول يزيد بن هارون:" إن شريكا لم يرو عن عاصم غير هذا الحديث".

و أيده بقوله في" الإرواء" {76/ 3}:"إن شريكا خالف غيره من الثقات و الحفاظ مثل زائدة بن قدامة".

قلت: لكن الثقات الضباط قد خالفوا هم ـأيضاـ زائدة، فرووا الحديث بخلاف روايته، بألفاظ متقاربة و أحيانا متباينة، كما يظهر من مجموع طرق الحديث عن وائل ـ رضي الله عنه ـ

و لا يمكن الطعن فيهم كلهم، وفيهم رجال الصحيح: سفيان الثوري، و عبد الله بن المبارك، وهمام بن يحي، وهشام الدستوائي و غيرهم، فلزم أن شريكا لم يخالف زائدة لوحده.

فإن قيل: إن مجموع روايات الحديث المتفرقة ضمها حديث زائدة إلا رواية شريك؟

قلنا: أولا: زائدة روى ما رووا على انفراد، فروى بالنسبة لكل واحد منهم مالم يرو، وأصل الحديث عن وائل بن حجر واحد، إلا انه قطع فروي كل واحد منهم جزءا.

و الذي يظهر من مجموع طرق الحديث، أن الحديث عن وائل ـ رضي الله عنه ـ قسمه الرواة عنه بحسب الموضوع الفقهي، لذلك يعد كل قسم أو قطعة منه حديثا بحد ذاته.

وهذا العمل قد فعله جمهور المحدثين، وذكره الإمام مسلم في "مقدمة صحيحه" {124/ 1}.

فالتعارض يكون إذا كان المجلس واحدا، و إلا فتعد الوجوه المختلفة طرقا مستقلة.

ذكر ابن رجب في " شرح علل الترمذي" {ص:292} عن يحي بن معين أنه قال:" شريك أحب إلي في أبي إسحاق من إسرائيل وهو أقدم"

وقرن مرة أخرى بينه و بين أبي عوانة في أبي إسحاق.

ونقل جماعة عن الإمام أحمد تقديم شريك على إسرائيل في أبي إسحاق، وقال:" إنه أضبط عنه،و أقدم سماعا".

و عبد الرحمان بن مهدي:" رجح إسرائيل على الثوري و شعبة ".

قال العجلي:" و يقال: إن شريكا أقدم سماعا منهم".

قال يحي بن معين:" وهو يروي عن قوم لم يرو عنهم سفيان [يعني الثوري] "نفس المصدر السابق و الصفحة".

فتبين من هذه النقول أن سماع هؤلاء الأئمة من أبي إسحاق السبيعي لم يكن واحدا، و أبو إسحاق السبيعي هو الذي ذكر فيما رواه عنه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أنه رأي أصحاب عبد الله بن مسعود يهوون على الركب، ولفظه:" كان أصحاب عبد الله إذا انحطوا للسجود وقعت ركبهم قبل أيديهم""المصنف" {624/ 1}.

و عليه يمكن القول: إن سماع شعبة، وسفيان، وهشام، وهمام، وإسرائيل، وزائدة وغيرهم لم يكن في وقت واحد، و شريك أقدم سماعا منهم في أبي إسحاق، وأعلمهم برواياته كما شهد له بذلك الأئمة الفحول في الحديث.

ولذلك نقول: وصف الرواة وصفا عاما جائز فيمن اتفقوا على تركه، أما من ضعفوه ولم يتركوه، واعتبروا بحديثه فيلزم ترجمته بالتقيّد بمشيخته، فمن الرواة من تكلموا فيه عموما، وهو من أثبت الناس في شيخه، أو في أهل بلده، ومنهم من وثقوه وهو ضعيف في بعض الشيوخ، أو قد يكون مقبولا في المغازي أو التفسير ضعيفا في غيرها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير