تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والترجيح بالفقه عند الاختلاف مذكور في كتب الحديث، خاصة و أن تعلق هذه المسألة بفقه الراوي لا يخفى.

أضف إلى ذلك أن الشيخ الألباني قال في " الإرواء" {84/ 2}:" روى ابن أبي شيبة في " المصنف" {157/ 1} عن جماعة من السلف منهم ابن مسعود وعلي و ابن عمر وغيرهم بأسانيد صحيحة أنهم كانوا ينهضون في الصلاة على صدور أقدامهم"

وهذا يفيد أنهم كانوا يعتمدون على ركبهم في القيام،فاتفقت هذه الرواية من فعل ابن عمر مع مارواه عنه ابن أبي ليلى على الأقل في شطرها الثاني،فتبين أن ما انفرد به الدار وردي عن عبيد الله ضعيف، وتصديق لقول النسائي عنه:" أحاديثه عن عبيد الله العمري منكرة".

فقد وهم فيه كما قال البيهقي، و الدار قطني والحازمي، و بالتالي سقط الترجيح به، كما اختل قول الشيخ الألباني:" إن حديث ابن أبي ليلى منكر" وعادت الدعوى عليه.

ثانيا: قد خالف من هو أوثق منه فزاد الرفع، أخرج البيهقي من طريق أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر، قال:" إذا سجد أحدكم فليضع يديه و إذا رفع فليرفعهما" {102/ 2} {السنن}.

قال الشيخ في " الإرواء" {77/ 2}:" وعبد العزيز ثقة لا يجوز توهيمه بمجرد مخالفة أيوب له، فإنه زاد الرفع وهي زيادة مقبولة منه"

قلت: هذا التقرير من الشيخ بقبول زيادة الدار وردي مخالف لما عليه أئمة الحديث، لا يحتاج إلى كبير تفصيل.

قال الإمام مسلم في" مقدمة صحيحه" {172/ 1}:" وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضى خالفت روايته روايتهم أو لم تكد توافقها".

قلت: ممكن أن يخطيء أيوب ويصيب الدار وردي، فإن الضبط و الإتقان ليسا صفة لازمة لكل جزئية من جزئيات ما يحفظ المحدث، فما من أحد إلا و له أوهام و أخطاء، ولكن الغالب على الثقات الضبط والإتقان.

فهذا ممكن لو أن القرائن أيدت الدار وردي، أما و أنها لا تؤيده لضعفه وتفرده، ومخالفته لغيره فمحال أن يوهم الثبت الحجة بمثل الدار وردي.

فالدار وردي خالف غيره من كل جهة، فقد خالف كذلك ما رواه عبد الرزاق عن ابن عمر:" أنه كان يقوم إذا رفع رأسه من السجدة معتمدا على يديه قبل أن يرفعهما"

و إن كان في هذا الحديث مقال، ولم يتسن لي النظر فيه جيدا، فإن له ما يجبره ويؤيده.

فقوله: قبل أن يرفعهما بهذا التقييد يقتضي أنه كان يعتمد على يديه قبل أن يفارق الأرض، وبعد ذلك يعتمد على قدميه، وإلا لم يكن لتقييده معنى. هذا من جهة.

من جهة أخرى،قال الدار قطني و الحازمي و البيهقي:إنه من مفاريد الدار وردي، وهؤلاء لا يقولون مثل هذا، وعند الدار وردي متابع؟

يوضحه: أن صيغة حديث أيوب التي ذكرها الشيخ الألباني عن البيهقي لا وجود لها عند البيهقي، وإنما اختصرها الشيخ بما يخل بمعناها، لأن الحديث ذكره البيهقي من طريقين لا يشبهان صيغة الشيخ:

الأولى: من طريق سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال:"إذا سجد أحدكم فليضع يديه إذا رفع فليرفعهما فإن اليدين يسجدان كما يسجد الوجه"

الثانية: عن المؤمل بن هشام عن إسماعيل بن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رفعه، قال:" إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه فإذا رفعه فليرفعهما"

قال البيهقي:" وكذلك رواه احمد بن سنان عن إسماعيل، والمقصود منه وضع اليدين في السجود لا التقديم فيهما والله أعلم".

قال ابن التركماني" كلا منهما معناه منفصل عن الآخر".

وعليه، فحديث أيوب هذا لا علاقة له بالإهواء أبدا، ووضع اليدين عند وضع الرأس ورفعهما بعد رفعه، يدل على الاعتماد على الركب، لأن آخر ما يرفعه المصلي ركبتيه،هذا ما يدل عليه حديث أيوب" فإذا رفعه فليرفعهما" أي: إذا رفع رأسه رفع بعده يديه ثم يرفع ركبتيه، ولو كان آخر ما يرفعه يديه، لقال: فإذا رفعه فليرفع ركبتيه ثم يديه.

وكون هذا الحديث لا يدل على وضع اليدين قبل الركبتين، يؤيد ما ذكره الدار قطني و الحازمي، والبيهقي من أن الدار وردي تفرد به، فلو كانت طريق أيوب تدل على المعنى نفسه، وكان مجرد الخلاف بينهما في الرفع، لما كان الدار وردي منفردا به؟

و الشيخ ناصر ساقه على أساس أنه متابع له.

فإذا اجتمعت كل هذه العلل القادحة في هذا الحديث وهي:

1 ـ تفرد الدار وردي به،مع العلم أنه ضعيف فيما تفرد به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير