وفي رواية عن ابْنِ عبّاس أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَانَ يُسْأَلُ يَوْمَ مِنَى فيقُولُ لَا حَرَجَ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ قَالَ اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ قَالَ إِنِّي أَمْسَيْتُ وَلَمْ أَرْمِ قَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ). رواه البخاري وغيره و قد تأوَّل من يرى عليه الفدية الحديث بأن المقصود نفي الحرج أي الإثم لا الفدية و استدلوا بقوله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) (البقرة: من الآية196). و الجواب عن الآية أن المقصود بمحله و صوله إلى منى لا نحره () و قد اختار الطبري () أن المراد بالمحل المنحر أو المذبح قال: وذلك حين حل نحره أو ذبحه.
وفي معنى الآية كلام طويل للمفسرين، و إنما وردت الآية في الإحصار وهو أن يُمنعَ من دخول الحرم بعد أن يدخل في النسك بالإحرام، فالراجح تعميم الحديث ولا فدية على من قدّم و أخر يوم النّحر و مع هذا فالأولى أن لا يُقدِّم الحلق قبل الرَّمي و النحر خروجا من الخلاف و اتّباعاً للسُّنَّة، و في التفريق بين العامد وغيره اختلاف، وقد ثبت الحديث بالجواز واستفيد منه رفع الحرج وترك الفدية في التقديم والتأخير. ولله الحمد ... روى البيهقي عن أنس رضي الله عنه: أنه سئل عن قوم حلقوا قبل أن يذبحوا فقال: (أخطأتم السنة ولا شيء عليكم) اهـ.
إن دعا بما ذكره الأئمّة من دعاء و هو: اللهم اجعله حجا مبرورا و ذنبا مغفورا و سعيا مشكورا و عملا متقبلا مبرورا و تجارة لن تبور. فحسن فقد روي عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه دعا به من وجوه، و قد دعا به ابن عمر رضي الله عنه ذكره الإمام أحمد و الشافعي و غيرهم من الأئمة. قال ابن أبي شيبة حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن الهيثم بن حنش – و الهيثم بن حنش النخعي ذكره ابن أبي حاتم و ذكر روايته عن أبي إسحاق الهمداني وسلمة بن كهيل ولم يذكر فيه جرحا و لاتعديلا. (9/ 79) وذكره البخاري في تاريخه باسم: الهيثم بن حبيش و ينظر حاشيته للمعلمي رحمه الله: 8/ 213 - قال سمعت ا بن عمر حين رمى الجمار يقول: اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا.
و هو مروي عن النبي صلَّى الله عليه و سلَّم من حديث عبد الله بن مسعود و من حديث ابن عمر بأسانيد فيها ضعفٌ.
وكان الحسن يقول: (يدعو عند الجمار كلها ولا يوقت شيئا). () و سنده صحيح.
قال ابن قدامة: (وروى حنبل في المناسك بإسناده عن زيد بن أسلم قال رأيت سالم بن عبد الله استبطن الوادي ورمى الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر الله أكبر ثم قال اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وعملا مشكورا فسألته عما صنع فقال حدثني أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة من هذا المكان ويقول كلما رمى حصاة مثل ما قلت قال إبراهيم النخعي كانوا يحبون ذلك) اهـ. ()
وقال ابن المنذر: كان ابن عمر وابن مسعود يقولان عند الرمي اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا كان ابن عمر وابن عباس يرفعان أيديهما إذا رميا الجمرة ويطيلان الوقوف.
قطع التلبية: ثبت من حديث علي رضي الله عنه و الفضل بن عباس و أسامة بن زيد و عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أن النبي صلَّى الله عليه و سلَّم لم يزل يلبّي حتى رمى جمرة العقبة وهو الراجح الذي لا ينبغي العدول عنه لصحته عن الني صلَّى الله عليه وسلَّم و به يقول الجمهور
قال أبو محمد ابن قدامة في المغني: (والأولى أن لا ينقص في الرَّمي عن سبع حصيات، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم رمى بسبع حصيات، فإن نقص حصاة أو حصاتين فلا بأس، ولا ينقص أكثر من ذلك نصّ عليه، وهو قول مجاهد وإسحاق ()، وعنه إن رمى بست ناسيا، فلاشيء عليه، ولا ينبغي أن يتعمده، فإن تعمد ذلك تصدق بشيء .... وعن أحمد: أنّ عدد السبع شرط، ونسبه إلى مذهب الشافعي وأصحاب الرأي) اهـ. ()
و لا ينبغي للمسلم بعد ثبوت السنة في الرَّمي بسبع حصيات أن يتعمّد أن ينقص أو يزيد بل يرميها بسبع و يجتهد في حفظ العدد لئلا يخالف السنة في الرَّمي، فإن نقص سهوا أو خطأ واحدة فقط فالراجح أنه لا بأس كما قال الإمام أبو محمد بن قدامة فيما نقلته قريبا حكاية عن مذهب من ذكره من الأئمة منهم مجاهد و إسحاق وأحمد في رواية ولأحاديث وردت في ذلك.
ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[15 - 01 - 06, 04:17 ص]ـ
جزاك الله خيراً ونفع بعلمك
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[20 - 12 - 06, 10:04 م]ـ
جزاكم الله خيراً ووفقنا و إياكم و جميع إخواننا في هذا الملتقى و المسلمين للإخلاص و للسنة.
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[24 - 12 - 06, 03:20 م]ـ
و الراجح عند كثير من الأئمة جواز رمي جمرة العقبة يوم النحر قبل طلوع الشمس فيرميها بعد طلوع الفجر
و لايجب الانتظار حتى تطلع الشمس و إن انتظر و لم يشق على من معه الانتظار إلى طلوع الشمس فهو أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم رماها بعد طلوع الشمس ....
¥