وسبحان الله! الآن كنت في زيارة ثانية لي خلال معرفتي به منذ سنة للشيخ الجليل محمّد كاظم حبيب – ذي الخمس وسبعين عاماً - شفاه الله وعافاه، وهو يعاني من آلام في الرأس، وشلل في الذراع اليمنى والساق اليمنى، وقرأت عليه الرقية الشرعيّة، فبكى بكاء شديداً حتى رحمتُه، ثم أهداني مجموعة من كتبه التي ألفها. وله ابنة تدرّس القرآن الكريم في إحدى جامعات دولة الإمارات، لم أرَ طالباتٍ يتعلق بأستاذة كما يتعلقن بها، جعلت مهمتها في الجامعة رساليّة دعويّة لا وظيفة راتبيّة، وهي – فيما أعلم والله أعلم - نفحة من عبيره، أحسبهما كذلك والله حسيبهما ولا أزكي على الله أحداً.
وعندما خرجت من عند الشيخ الجليل شفاه الله تعالى ورفع قدره، قلت أضع اسم الشيخ على القوقل لمزيد من المعرفة، فوجدت هذا الكلام في هذا الملتقى:
قال محمّد الأمين (2617 مشاركة، وتحت اسمه دعاء: وفقه الله):
(احذروا من الخدعة المسماة ((التقويم الهجري الأبدي)) لمبتدعها كاظم الدجال فهو يلبس على الناس ويظهر أنه يعتمد الرؤية، بينما هو يعتمد الحساب، ليس الحساب الفلكي فهو لا يتقنه، وإنما حسابات دجل وخداع، لا ترتكز لا على دين ولا علم.)
سطران وربع ووجدت فيهما هذه الألفاظ المهذّبة:
(الدجال، دجل وخداع، يلبّس على الناس، لا يتقن الحساب الفلكي، لا على دين ولا علم، الخدعة) (هذه الكلمة في مشاركة أخرى)
فقلت: هل هذه هي الأدبيّات والأخلاقيّات التي يُرادُ لنا أن نتعلمها في ملتقى أهل الحديث المبارك؟ وأهل الحديث؛ أي أهل الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين!!! وهل يا تُرى لو اطلع عليها صاحب الحديث صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين: يُسَرُّ بذلك أم لا؟!!!!
لم أجدْ جواباً عندي، فإن كان عند بعضكم جوابٌ فزودوني به رضي الله عنكم وأرضاكم!
إنما هي أسئلة أخلاقيّة مشروعة: من حقنا أن نسأل، ومن حقكم ألا تجيبوا.
قال الأستاذ أمين:
(مع أن النصوص الواضحة تنهى عن الحساب في أمر معرفة بداية ونهاية الشهور
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا فإن غمي عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) وفي رواية ((فاقدروا له ثلاثين)) رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما
حتى ولو سلمنا لك أن تقويمك الأبدي كما تسميه صحيح 100% فالنهي يشمله أيضاً)
سؤال علميّ مشروع: الحديث الصحيح المنقول هنا ((إنا أمّة أميّة لا نكتب ولا نحسب))
هل هذه الأمّيّة بقيت أم زالت بنزول القرآن الكريم بقوله تعالى: ((اقرأ))، ((نون والقلم وما يسطرون))، ((ولتعلموا عدد السنين والحساب))
منذ بعثة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم حتى اليوم: أبقيت الأمّيّة أم زالت؟ وهل كان هذا القول من الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وصف حالٍ كانت عليه أمته أم ستظل لابسة لها إلى يوم القيامة؟ وبالتالي يحرم عليها الكتابة والحساب؟
فإن قلنا إن الكتابة واجبة، والحساب حرام، فهل نؤمن ببعض الحديث ونردّ بعضه؟!!! أم هناك تأويل لا يعلمه جاهل مثلي؟!
أتمنّى ممّن عنده أثارة من علمٍ أن يوضّح لي ولأمثالي ذلك وجوباً؛ لقوله تعالى: ((لتبيّننّه للناس ولا تكتمونه))
قال الأستاذ مسدّد: (أخبرني أحد العلماء ممن زاره ليستمع لما عنده، فخرج من عند السيد حبيب مقتنعاً بأن جعبته فارغة.)
أيةُ جعبةٍ من جُعَبِه الفارغة يا أستاذ مُسدّد؟ جعبة العلم أم جعبة المال؟
أما جعبة المال: فسبحان الله! فهو المحسن الكريم، وكم من بيت ستره بتوفيق الله وتسديده، وكم من أسرة أغناها عن المسألة، وكم فرّج كربات، شفاه الله وعافاه.
وأما جعبة العلم: فكيف تكون فارغة، وهو الواعظ والخطيب في دبيّ لسنوات طوال، ثم هذه كتبه التي ألفها ولم يسبقه إليها أحد، وسواء اختلف معه من اختلف أو اتفق – إن كان عالماً في هذا التخصّص؟!
ثم من هذا الأحد – أحد العلماء – ولماذا لا نُخُبَر عن اسمه، ما دامت رواية فلا بدّ من معرفة السّند، فكم من امرئ قد اقتات على موائده شفاه الله وعافاه، وأخذ منه أموالاً طائلة، ثم طعنه في ظهره!!!
الخلاصة:
اختلفوا مع الناس في أفكارهم وأقوالهم وأفعالهم وأحوالهم ما شئتم، وأنكروا عليهم بعلم ودراية وفهم للرواية؛ ولكن هل اختلافكم معهم – إن كان عندكم أثارة من علم تخصّصيّ يتعلق بالباب - يسوّغ لكم شتمهم، والنيل منهم، واتهامهم بما لا يعرفه أحدكم أو يعايشه، ولعله عكس ذلك تماماً!
فأين المتِهم - سواء أكان اسمه أميناً أم مسدّداً أم صادقاً أم عالماً - يوم القيامة عند الوقوف بين يدي خالقه عُرياناً؟ ((وقفوهم إنهم مسئولون))
ادعوا الله عزّ وجل أن يشفي هذا الشيخ الجليل الذي هو على أبواب الثمانين من عمره، وأن يُحسن تبارك وتعالى خاتمته وخواتيمنا، خيرٌ من اتهام الخلق بلا بيّنة.
¥