تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فصل فيما اختلف فيه المؤمنون من الأقوال والافعال في الأصول والفروع]

ـ[منهاج السنة]ــــــــ[04 - 09 - 02, 04:58 م]ـ

هذا كلام لشيخ الاسلام ابن تيمية يتكلم فيه عن البغي بين الاخوان

قال شيخ الاسلام

[فصل فيما اختلف فيه المؤمنون من الأقوال والافعال في الأصول والفروع]

فإن هذا من أعظم أصول الإسلام الذي هو معرفة الجماعة وحكم الفرقة والتقاتل والتكفير والتلاعن والتباغض وغير ذلك

فنقول هذا الباب أصله المحرم فيه من البغي فإن الإنسان ظلوم جهول قال تعالى كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم [سورة البقرة 213] في غير موضع

وقد ثبت في الصحيحين عن النبي ص أنه قال لتسلكن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن

وقد قال تعالى ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم [سورة آل عمران 105]

وقال تعالى إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ [سورة الأنعام 159]

ومن هذا الباب ما هو من باب التأويل والاجتهاد الذي يكون الإنسان مستفرغا فيه وسعه علما وعملا

ثم الإنسان قد يبلغ ذلك ولا يعرف الحق في المسائل الخبرية الاعتقادية وفي المسائل العملية الاقتصادية والله سبحانه قد تجاوز لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان بقوله تعالى ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا [سورة البقرة 286]

وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عباس ومن حديث أبى هريرة عن النبي ص أن الله استجاب لهم هذا الدعاء وقال قد فعلت وأنهم لم يقرأو بحرف منها إلا أعطوه وهذا مع قوله تعالى والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة [سورة البقرة 82]

وقوله دليل على ان الله لا يكلف نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت وغير ذلك دليل على أن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها

والوسع هو ما تسعه النفس فلا تضيق عنه ولا تعجز عنه فالوسع فعل بمعنى مفعول كالجهد

وهذا أيضا كقوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج [سورة الحج 78]

وقوله يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر [سورة البقرة 185]

وقوله ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج [سورة المائدة 6] والحرج الضيق فهو نفى أن يكون عليهم ضيق أي ما يضيق عنهم كما أخبر أنه لا يكلف النفس إلا ما تسعه فلا بد أن يكون الإيجاب والتحريم مما تسعه النفس حتى يقدر الإنسان على فعله ولا بد أن يكون المباح مما يسع الإنسان ولا يضيق عنه حتى يكون للانسان ما يسع الإنسان ويحمل الإنسان ولا يضيق عنه من المباح

وليتدبر الفرق بين ما يسعه الإنسان وهو الوسع الذي قيل فيه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [سورة البقرة 286] وبين ما يسع الإنسان فلا يكون حرجا عليه وهو مما لا بد للإنسان منه من المباحات وهذا يكون في صفة فعل المأمور به كما في الوضوء والصلاة فلا بد ان يكون المجزئ له من ذلك ما يسع الإنسان والواجب عليه ما يسعه

الإنسان ويكون في باب الحلال والحرام فلا يحرم عليه ما لا يسع هو تركه بحيث يبقى المباح له ضيقا منه لا يسعه

وإذا كان كذلك فينبغي أن يعلم أن للقلوب قدرة في باب العلم والاعتقاد العلمى وفي باب الإرادة والقصد وفي الحركة البدنية أيضا

فالخطأ والنسيان هو من باب العلم يكون إما مع تعذر العلم عليه أو تعسره عليه والله قد قال ما جعل عليكم في الدين من حرج [سورة الحج 78] وقال يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر [سورة البقرة 185]

وقال النبي ص في الحديث المتفق عليه لمعاذ وأبى موسى لما أرسلها إلى اليمن يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وطاوعا ولا تختلفا

وإذا كان كذلك فما عجز الإنسان عن عمله واعتقاده حتى يعتقد ويقول ضده خطأ أو نسيانا فذلك مغفور له كما قال النبي ص إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ

فله أجر وهذا يكون فيما هو من باب القياس والنظر بعقله ورأيه ويكون فيما هو من باب النقل والخبر الذي يناله بسمعه وفهمه وعقله ويكون فيما هو من باب الإحساس والبصر الذي يجده ويناله بنفسه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير