تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذه الآية نزلت بعرفة تاسع ذي الحجة في حجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة كما ثبت ذلك في الصحاح والسنن وكما قاله العلماء قاطبة من أهل التفسير والحديث وغيرهم

وغدير خم كان بعد رجوعه إلى المدينة ثامن عشر ذي الحجة بعد نزول هذه الآية بتسعة أيام فكيف يكون قوله بلغ ما انزل إليك من ربك نزل ذلك الوقت

ولا خلاف بين أهل العلم أن هذه الآية نزلت قبل ذلك وهي من أوائل ما نزل بالمدينة وإن كان ذلك في سورة المائدة كما أن فيها تحريم الخمر والخمر حرمت في أوائل الأمر عقب غزوة أحد وكذلك فيها الحكم بين أهل الكتاب بقوله فان جاءوك فاحكم بينهم أو اعرض عنهم وهذه الآية نزلت إما في الحد لما رجم اليهوديين وإما في الحكم بين قريظة والنضير لما تحاكموا إليه في الدماء ورجم اليهوديين كان أول ما فعله بالمدينة وكذلك الحكم بين قريظة والنضير فان بني النضير أجلاهم قبل الخندق وقريظة قتلهم عقب غزوة الخندق والخندق باتفاق الناس كان قبل الحديبية وقبل فتح خيبر وذلك كله قبل فتح مكة وغزوة حنين وذلك كله قبل حجة الوداع وحجة الوداع قبل خطبة الغدير فمن قال أن المائدة نزل فيها شيء بغدير خم فهو كاذب مفتر باتفاق أهل العلم

وأيضا فان الله تعالى قال في كتابه (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) فضمن له سبحانه انه يعصمه من الناس إذا بلغ الرسالة ليؤمنه بذلك من الأعداء ولهذا روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل نزول هذه الآية يحرس فلما نزلت هذه الآية ترك ذلك

وهذا إنما يكون قبل تمام التبليغ وفي حجة الوداع تم التبليغ

وقال في حجة الوداع ألا هل بلغت ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد وقال لهم أيها الناس إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وأنتم تسألون عني فما انتم قائلون قالوا نشهد انك قد بلغت وأديت ونصحت فجعل يرفع إصبعه إلى السماء وينكبها إلى الأرض ويقول اللهم اشهد اللهم اشهد وهذا لفظ حديث جابر في صحيح مسلم وغيره في الأحاديث الصحيحة وقال ليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع

فتكون العصمة المضمونة موجودة وقت التبليغ المتقدم فلا تكون هذه الآية نزلت بعد حجة الوداع لانه قد بلغ قبل ذلك ولأنه حينئذ لم يكن خائفا من أحد يحتاج أن يعصم منه بل بعد حجة الوداع كان أهل مكة والمدينة وما حولهما كلهم مسلمين منقادين له ليس فيهم كافر والمنافقون مقموعون مسرون للنفاق ليس فيهم من يحاربه ولا من يخاف الرسول منه فلا يقال له في هذه الحال بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس

وهذا مما يبين أن الذي جرى يوم الغدير لم يكن مما أمر بتبليغه كالذي بلغه في حجة الوداع فإن كثيرا من الذين حجوا معه أو أكثرهم لم يرجعوا معه إلى المدينة بل رجع أهل مكة إلى مكة أهل الطائف إلى الطائف وأهل اليمن إلى اليمن وأهل البوادي القريبة من ذاك إلى بواديهم وإنما رجع معه أهل المدينة ومن كان قريبا منها فلو كان ما ذكره يوم الغدير مما أمر بتبليغه كالذي بلغه في الحج لبلغه في حجة الوداع كما بلغ غيره فلما لم يذكر في حجة الوداع امامة ولا ما يتعلق بالإمامة أصلا ولم ينقل أحد بإسناد صحيح ولا ضعيف انه في حجة الوداع ذكر امامة علي بل ولا ذكر عليا في شيء من خطبته وهو المجمع العام الذي أمر فيه بالتبليغ العام علم أن امامة علي لم تكن من الدين الذي أمر بتبليغه

بل ولا حديث الموالاة وحديث الثقلين ونحو ذلك مما يذكر في إمامته

والذي رواه مسلم انه بغدير خم قال إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله فذكر كتاب الله وحض عليه ثم قال وعثرتي أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا وهذا مما انفرد به مسلم ولم يروه البخاري وقد رواه الترمذي وزاد فيه وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير