[المسألة: هل يجوز أن يجزم بخلود من مات على الكفر أنه في النار بعينه]
ـ[عبدالرحمن بن محمد الهرفي]ــــــــ[05 - 09 - 02, 09:41 ص]ـ
[المسألة: هل يجوز أن يجزم بخلود من مات على الكفر أنه في النار بعينه]
صورة المسألة: مكلف مات وظاهره أنه كافر أصلي أو مرتدا هل نحكم أنه بعينه في النار؟
• القول الأول: لا نشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شد له الشارع الحكيم
1. الأصل عندنا ألا نحكم لمعين بجنة ولا نار إلا من حكم له الله تعالى كأبي لهب وأبي طالب فهما في النار، وأبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ في الجنة، والحكم على المعين بالنار من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى وقد قال: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام:59) وقال تعالى: (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (المؤمنون:92)، وهذا من التألي على الله جل وعلا.
2. أننا لا ندري بماذا ختم لهذا المعين فلعله تاب إن كان مرتدا أو اسلم إن كان كافرا كما أسلم الرجل الذي قتله اسامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـ.
3. قال الطحاوي رحمه الله ــ (ونرى الصلاة خلف كل بَرّ ٍ وفاجر ٍ من أهل القبلة، وعلى من مات منهم، ولانُنْزِلُ أحداً منهم جنة ً ولا ناراً).
4. أن من مات على الكفر قد يعذر بالجهل أو التأويل أو غيره كمن قال لأبنائه حرقوني وذروني فلو سمعه أحد الناس لحكم عليه بالكفر ولكن الله عذره.
5. أننا نحكم على أطفال الكفار ومجاننهم بالكفر وأمرهم إلى الله تعالى.
6. كما أننا لا نشهد للمسلم بالجنة ونرجوا له ذلك فكذلك لا نشهد للكافر بالنار.
7. لا نعرف أحد من أهل العلم المعتبرين قال بهذا القول.
• القول الثاني: نشهد لمن مات وظاهره أنه مات كافرا بالنار
1. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) (النساء:48) وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) (النساء:116) وقال تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة:72)
هذا وعد جازم من الله تعالى ألا يدخل مشرك الجنة، فيجوز لنا الجزم بالنار لمن حرم الله عليه الجنة قطعا.
2. أخرج ابن ماجه عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَكَانَ وَكَانَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي النَّارِ قَالَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَبُوكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ قَالَ فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ وَقَالَ: لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَبًا مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ) قال الهيثمي (رواه البزار والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح) (مجمع الزوائد) 1/ 118.
هذا النص صريح في كون الصحابي كان يبشر المشركين بالنار، فإذا مر بقبر الكافر فلان بن فلان بشره بالنار وهكذا وهذا فيه تحديد لكل مشركة بعينه.
¥