ثم استدركت فقلت: لكن قد روى عن كنانة جمع منهم زهير و حديج ابنا معاوية , و محمد بن طلحة بن مصرف , و سعدان بن بشير الجهني , و كل هؤلاء الأربعة ثقات , يضم إليهم يزيد بن مغلس الباهلي , وثقه جماعة و ضعفه آخرون فسبيل من روى عنه هؤلاء أن يحشر في زمرة من قيل فيه: صدوق , كما حققته أخيرا في بحث مستفيض فريد في " تمام المنة " (ص 204 ـ 206) , فلا تغتر ببعض الجهلة كالسقاف و غيره , و عليه فعلة الحديث هاشم فقط.
و مما يدل على ضعف هذين الحديثين أن القصة وردت عن ابن عباس بدون ذكر الحصى و لفظه قال: عن جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح و هي في مسجدها , ثم رجع بعد أن أضحى و هي جالسة , فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ? قالت: نعم , قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله و بحمده عدد خلقه , و رضا نفسه , و زنة عرشه و مداد كلماته " , أخرجه مسلم (8/ 83 - 84) و الترمذي (4/ 274) و صححه و النسائي في " عمل اليوم و الليلة " (161 ـ 165) و ابن ماجه (1/ 23) و أحمد (6/ 325 و 429 - 430) , فدل هذا الحديث الصحيح على أمرين:الأول: أن صاحبة القصة هي جويرية , لا صفية كما في الحديث الثاني ?.
الآخر: أن ذكر الحصى في القصة منكر , و يؤيد هذا إنكار عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على الذين رآهم يعدون بالحصى , و قد جاء ذلك عنه من طرق سبق أحدها و لو كان ذلك مما أقره صلى الله عليه وسلم لما خفي على ابن مسعود إن شاء الله و قد تلقى هذا الإنكار منه بعض من تخرج من مدرسته ألا و هو إبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه الكوفي , فكان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسبيح التي يسبح بها! رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/ 89 / 2) بسند جيد.
قد يقول قائل: إن العد بالأصابع كما ورد في السنة لا يمكن أن يضبط به العدد إذا كان كثيرا , فالجواب: إنما جاء هذا الإشكال من بدعة أخرى و هي ذكر الله في عدد محصور كثير لم يأت به الشارع الحكيم , فتطلبت هذه البدعة بدعة أخرى و هي السبحة! فإن أكثر ما جاء من العدد في السنة الصحيحة , فيما ثبت لدي إنما هو مئة , و هذا يمكن ضبطه بالأصابع بسهولة لمن كان ذلك عادته. (انتهى مختصراً كلام الشيخ رحمه الله).
http://www.sahab.net/sahab/showthread.php?postid=503033