قلت: قال الإمام ابن عبد البر – رحمه الله -: (ليس أحد من علماء الأمة يثبت حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يرده دون ادعاء نسخ ذلك بأثر مثله، أو بإجماع، أو بعمل يجب على أصله الانقياد إليه، أوطعن في سنده، ولو فعل ذلك أحد سقطت عدالته فضلا عن أن يتخذ إماما، ولزمه اسم الفسق، ولقد عافاهم الله من ذلك).
وقال شيخ الإسلام – رحمه الله – في أول رسالته [رفع الملام عن الأئمة الأعلام]: (وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة- المقبولين قبولا عاما- يتعمد مخالفة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في شيء من سنته، دقيق ولا جليل، فإنهم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب إتباع الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه، فلا بد له من عذر في تركه .. ). ويبدو أن ما ذكرت خفي على هذين الفاضلين، فما بالك بالباحثين؟!!!
وليس هناك – بحمد الله - تعليق بعد كلام الأئمة. وتبقى كلمة (نقضها الأئمة) فيا حبذا لو كان النقض منك – ودع الأئمة وشأنهم - فهلا تفضلت علينا بعلمك خاصة، وأريتنا كيف تنقض قواعده، فبهذا يفتخر المفتخرون، أما علم غيرك فهو لهم، ليس منسوبا لك منه شئ.
وقولك: ومع شدة احترامنا لمالك رضي الله عنه فإنه كانت له ميول أموية وهذا شرحه الشيخ محمد أبوزهرة في كتابه عن مالك ..
قلت: احترامك الشديد واضح جدا لا يخفى على أحد فلست في حاجة للتصريح به.
كيف شرحه أبو زهرة، وضح لنا؟ وما النتيجة من هذا الكلام؟!! إذا حُمل على ظاهره، فليس مما يعاب به الرجل أن تكون له ميول أموية، إلا عند الروافض، وأما إذا كان وراء الأكمة ما وراءها، فالكلام سيختلف.
وما رأيك فيمن يخالفك و يقول: إن الإمام عباسي، وهو وزير لهم، و يسير في ركابهم ...
بل يصح لأحدهم أن يزعم أن الإمام شيعي، أليس قد أفتى ببطلان يمين المكره؟ وفُسر هذا بدعوى نقض بيعة بني العباس لصالح بيعة (النفس الزكية). فهل يفعل هذا إلا من كانت عنده ميول شيعية؟
بل يصح لزاعم أن يقول: بل الإمام خارجي بفتواه تلك، وبانتقاده لخلفاء بني العباس، وقد عقدت لهم البيعة الصحيحة.
بل من الممكن – على رأيك وغيرك – أن يقول اليوم أحد العلمانيين الليبراليين: إن الإمام مالكا علماني مثلنا، أليس يرد الحديث الصحيح عمدا – بزعمك – أو برأيه – كما تفوه به آخر –؟!! علما بأن قواعد العلمانيين الأرضية والجوية والفضائية قد نسفها العلماء منذ زمن.
فما أنت قائل – أخي الفاضل – لهؤلاء وغيرهم، ممن قد ينسب الإمام لمذهبه أو نحلته، اعتمادا منه على كلمة أخذها من هنا، أو عبارة ساقطة أخذها من هناك، أو لفهم فاهم – حسن القصد – قالها اجتهادا؟!!
وقولك: وله كلمة عن علي رضي الله عنه في مقدمة ترتيب المدارك كنا نود أن لا يذكرها ..
قلت: ألستُ قد قلتُ لك: إنك قد وصلت لمرتبتهم، فحق لك ما تقوله.
ثم حبذا لو ذكرت لنا هذه الكلمة موثقة - فمن في المنتدى ليسوا كهيئتك أئمة، يقبلون كل ما يسمعون - فربما نتمنى مثل أمنيتك، أو يبين لك بعض إخوانك في الملتقى ما أشكل عليك من قول الإمام، هذا إن صح عنه.
إن الحقيقة عند ذلك تنجلي - - فيزول عنا هذا الاستغراب
وقولك: - أحسن الله إليك - وإذا كان الشافعي ينتصر لمالك في بغداد فإنه انحرف عنه في مصر ..
قلت: وهل في هذا ما يحتج به؟ هذا – يا أخي – لو تعلم ذم للإمام الشافعي من حيث لا تشعر، لأن أهل العلم لا ينحرفون عن أئمتهم الناصحين الذين أجمع الناس على فضلهم.
اسمع – أخي – ما يقول من يعرف الشافعي حقا: ذكر البيهقي بسنده إلى محمد بن عبد الغني قال: (حدثنا أبي قال: قلت للشافعي: يا أبا عبد الله، أرأيت أحدا ممن أدركت مثل مالك بن أنس؟ فقال أبو عبد الله الشافعي: سمعت من تقدمنا في السن والعلم يقولون: لم نر مثل مالك، فكيف نرى مثله؟. ثم قال الشافعي: إن مالكا كان مقدما عند أهل العلم، قديما بالمدينة والحجاز والعراق – مع أن بعضهم هنا في المنتدى يقول عن أهل العراق إنهم يبغضونه أو يكرهونه - قديم الفضل، معروفا عندهم بالإتقان في الحديث ومجالسة العلماء وكان ابن عيينة إذا ذكره رفع بذكره ويحدث عنه، وكان مسلم بن خالد الزنجي - وهو مفتي أهل مكة وفقيهها في زمانه -
¥