تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد علمت أن حب النفس - - يهوي بمن يهواه مهوى البخس

وأصدق منه قول من قال:

تفاخر ظنا منك أنك ماجد - - وحسبك من ذام غدوك تفخر

قلت في خاتمة التعليقات: ولم أغير فيها شيئا، وكان الأحق ببعض كلماتها أن تحذف، ولكن .. اللبيب بالإشارة يفهم.

خاتمة المطاف

لن تكون هذه الخاتمة - لمناقشتي لأخي محمد الأمين- مثل ما تعوده إخواني من طلبة العلم، في كتابتهم وبحوثهم، فلن أذكر فيها نتائج هذه المناقشة، ولا حوصلة ما ذكره الشيخ عن الإمام مالك، لأن جمعه بعد افتراقه أمر مؤلم وشديد عليه، وعلى كل من انتسب إليهم الأخ محمد من أهل الحديث، وعلى كل مسلم يعتز ويفخر بأولئك الأعلام الأماجد، الذين أضاءوا لنا الطريق، وبهم حفظ الله شريعته غراء سمحة، ليلها كنهارها. ولن يكون لنا بدونهم أصل نرجع إليه، ولا فقه ولا علم نعتمد عليه.

ولكنني أريد أن أقول لنفسي و- لشيخي الفاضل- كلمات على استعجال، والتفصيل له مقام آخر

وهي: أن نبذل وسعنا ما استطعنا في الدرس والتعلم، ومشاورة من هو أكبر منا سنا، وأكثر علما قبل الإقدام على مثل هذه البحوث وغيرها، فهؤلاء لهم من الحنكة والتجربة ما يدفع عنهم حدة الشباب، وعجلته وسفهه. ويتأكد هذا في مثل ما كتب فيه الشيخ محمد الأمين، ثم من الناحية العلمية لا يصلح ولا يستفيد أحد من كاتب عمد إلى إمام من أئمة العلم، قضى السنين الطوال يدرس ويكتب، ويجتهد ويخرج للناس عصارة فكره وتجربته = ويطمع هذا الكاتب أن يكتب حول علم ذاك الإمام، ومنهجه وفكره - مالك كان أو عالم من علماء الفيزياء - بمجرد قراءة كتاب أو قل صفحات من كتاب لذلك العلم، أو قرأ ترجمة له، أو بعض ترجمة هنا أو هناك، لا يا سيدي ما هكذا تكون دراسة مناهج العلماء، أو حتى كتابة بعض الأوراق عن علمهم واجتهادهم، وأثرهم في العلم والمعرفة.

وإن كنت تراني مبالغا فانظر – يارعاك الله- ما يصنعه المستشرقون، فهل رأيت أحدهم كتب كتابة علمية – فيما يزعم- حول أي شخصية من العلماء، دون أن يعايش هذه الشخصية السنين الطوال باحثا ومنقبا، ألسنا نحن أولى بهذا منهم؟

ولذلك أقول إن الشيخ محمدا قد استعجل بكتابته حول جماعة من أهل الفقه والحديث، استعجل أمرا كانت له فيه أناة، وأنا أطمع منه أن يفيء إلى الحق عند ظهوره له – إن شاء الله- وأن يقبل هذه التنبيهات مني ومن إخوانه في الملتقى، فهذه ميزة أهل العلم، الرجوع إلى الحق متى ما تبين، والجاهل لا يرده شيء.

ثم إني أقول لشيخي الفاضل – لازال موصولا بكل خير- لا تظنن أني إذ كتبت ما كتبت = في غفلة عن بعض ما في المذهب من هنات، أو بعض مخالفة لما صح من السنة، أو في غفلة عما أخذه أهل العلم على بعض أتباعه المتأخرين من شدة في التقليد، أو قصور في طرق التدريس، أو ضعف في طرائق الفتوى، أو خلل في منهج التأليف، أو إغراق في اختصار علم الأوائل، و كثرة الاعتماد على تلك المختصرات، وإيثارها على غيرها من كتب فحول المذهب المعللة والمدللة، مما تسبب في إفساد غير قليل في الفقه وطرائق تعلمه وتعليمه، كل ذلك – يا أخي- لمست بعضه لمس اليد، وسمعت بعضه من أفواه أشياخي، وقرأت أغلبه في كتابات الشاطبي والمقري، وابن عبد البر، وابن العربي، و الباجي، والقباب، وغير هؤلاء كثير من القدماء، وأما من المتأخرين فمن أمثال أحمد بن الصديق، والطاهر ابن عاشور، ومحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي وغيرهم – رحم الله الجميع بمنه وكرمه-.

والأمر عندي – أخي- بالنسبة للمذاهب، كما قال العلامة أبو عبد الله المقري في قواعده، 1/ 396: (لا يجوز رد الأحاديث إلى المذاهب على وجه ينقص من بهجتها، ويذهب بالثقة بظاهرها، فإن ذلك إفساد لها، وغض من منزلتها، لا أصلح الله المذاهب بفسادها، ولا رفعها بخفض درجاتها .. ).

وأما نظرتي للعلماء كافة – رحمهم الله، وجزاهم الله عن الإسلام خير الجزاء- فكما قال الإمام الشاطبي: (إن تحكيم الرجال، من غير التفات إلى كونهم وسائل للحكم الشرعي، المطلوب شرعا ضلال، وإن الحجة القاطعة، والحكم الأعلى هو الشرع لا غيره).

فأرجو أن يفهم الشيخ عني هذا، ولا ينسبني في كلامي الأخير إلى شيء لا يحمد، أو يرى أني تراجعت عن بعض قولي السابق، فإن فهم الشيخ هذا، أو حاوله، فلا يسعني إلا أن أقول كما قال علامة الأندلس – وإن كنت على غير مذهبه -: (لا آفة على العلوم وأهلها، أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها، فإنهم يجهلون، ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويقدّرون أنهم يصلحون).

وبعد – أيها القراء الكرام- (لعل فيما تقدم كشفه من خلل، وسبق بيانه من علل، كفاية وغناء، يقطع عنكم الجدل، ويزيح عنكم الدغل.

ولقد شهدت – شيخنا الفاضل- وشهد القراء الكرام، أن العلم في زماننا قد استدبر، وأن البغاث بأرضنا قد استنسر.

قد أعوز الماء الطهور وما بقي - - غير التيمم لو يطيب طهور)

[ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا إنك رءوف رحيم]

والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله على محمد و على آله وصحبه ومن سلك سبيله إلى يوم الدين.

يتبع – إن شاء الله -.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير