ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[04 - 03 - 05, 05:57 م]ـ
يا باز11 – هداني الله وإياك لما فيه الخير والهدى -:
تقول: شرحت لك مذهب مالك هو مذهب الهرم المقلوب وهذه حقيقة.
قلت: هذه ليست حقيقة لا في تعميمها، ولا في ما معناها وحقيقتها، ولا في لفظها وعبارتها، وذلك أن المالكية – المتقدمين منهم والمتأخرين - لم يقصروا عملهم الفقهي على بيان أقوال الإمام مالك، بل لهم كلام كثير في تفسير كلام الله، وبيان ما يؤخذ منه من أحكام، وكذا لهم مصنفات كثيرة في شرح الحديث وبيان ما فيه من أحكام شرعية لأعمال المكلفين، وما تضمنه من فوائد علمية أخرى ..
وأما عدم صحة معناها: فذلك أن كلام الإمام مالك وأقواله منظور إليها على أنها اجتهادات واستنباطات من إمام مجتهد اجتهادا سائغا، بين بها أحكاما تشريعية مأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم - ... فمن هذه الناحية هم يتطلبون لأقواله – متى عريت من الدليل – دليلا، ويبحثون عن مأخذ الإمام في اجتهاداته، ومنهجه في استنباط الأحكام ....
والمالكية ليسوا بدعا في ذلك، فكل العلماء وأرباب المذاهب على نفس المنهج، فأخبرنا معنى قول السادة الحنفية (ظاهر الرواية) وعن كتاب المبسوط للسرخسي، في ماذا وضعه صاحبه، أليس في شرح أقوال محمد بن الحسن – رحمه الله –؟ ولماذا قالوا: يفتى بقول أبي يوسف في القضاء، والشهادات ... وبماذا يؤخذ إذا اختلفت الروايات عن الإمام عندهم ... وإذا تعارض التصحيح والفتوى ما العمل عندهم.
والمقيس على قول الإمام أحمد أليس مذهبه على المشهور عند السادة الحنابلة؟
وما دلالة قول الإمام أحمد المبجل – رحمه الله – (لا ينبغي، أو لا يصلح، أو لا أراه .. ) وإذا أجاب الإمام أحمد بقول فقيه آخر، فعلى أي شئ يحمل هذا؟
وأخبرنا عن الاصطلاحات المتعددة في نقل أقوال الإمام، أو أقوال غيره من المجتهدين في مذهبه، من مثل: التنبيه والوجه، والمذهب وظاهر المذهب، الروايتان والقولان ...
وأخبرنا عن هذا المختصر الذي بلغت شروحه ثلاثمائة، وأعني به مختصر الخرقي، وأخبرنا عن المقنع، والزاد، والعمدة ...
ومن هما الشيخان في المذهب الشافعي، وما حقيقة: المذهب القديم والجديد، ولماذا كل هذا الاهتمام بهما؟
ولماذا قد تكون الفتوى بغير النص (قول الشافعي رحمه الله).
وما معنى الأقوال والأوجه والطرق عندهم.
وأي شئ هو (غاية الاختصار، و المنهاج، والمحرر ... )
ولماذا ألف صاحب (الزاهر في غرائب الألفاظ) كتابه، وقد علمنا الناس يصنفون في غريب القرآن والحديث، فهل درجة كلام الشافعي تساوي كلام الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – حتى يصنف في بيان غريب ألفاظه؟ أليس حق كلامه إذ أغرب فيه أن يطرح؟!!
وأما إذا كان الكلام عن المذهب الزيدي أو غيره من فرق أهل الضلال من الشيعة، فالأمر يطول، ويكفيك أنهم ينظرون إلى أئمتهم على أنهم معصومون، وأقوالهم تشبه أن تكون وحيا، فهل بعد هذا مزيد تعظيم لهم ولأقوالهم؟!!
وأما تعبيرك عن هذا بمذهب الهرم المقلوب، فقد قلت لك سابقا: إن هذا يتعارض مع وصفك له بالمذهب العظيم، وأزيدك هنا أن مثل هذا الكلام لا يتفوه به من حسن ظنه بأهل العلم ومحصليه، ومن علم أن كلامه من عمله فهو مأخوذ به ولا شك، وكلامك هذا – حقيقة – إلى السخرية والهزء أقرب منه إلى التقدير والتعظيم، فكيف يجتمعان؟ وكان حريا بك تخير فضائل الألفاظ، والبعد عن مرذولها، ذلك خير وأسلم.
وتقول: استشكلت قولي أنه ينبغي عمل بحث حول العلاقة بين الإمامين مالك والشافعي وأثر الشافعي في تكريم مالك.
وأظن أن من رأس مال المالكية مدح الشافعي لمالك وكان هذا له أثره الكبير في سكوت الكثيرين عن قواعد المالكية التي يرد بها الحديث الصحيح
ولما ذهب الشافعي لمصر رد على مالك وناظر أصحابه بل كتب الشافعي في الرد على مالك.
قلت: لم ترد على الاستشكال بل زدتَه خبطا وخلطا، وما كان ينبغي لك.
فقل لي – بالله عليك – لو لم يكن الإمام الشافعي – رحمه الله – من أهل الدنيا، هل كنت تظن أن منزلة الإمام مالك كانت ستنقص درجة، أم كانت ستتلاشى؟ الرجل أجمع الناس قديما وحديثا على علمه وفضله وإمامته، والشافعي أحد تلامذته، فما دخولنا بينهما – هداك الله -؟!!
¥