قلنا إنه لا تصح نسبة قبر لنبي سوى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أما القبر المنسوب لأبينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم، فلا يصح فيه شيء، وما بين دفن أبينا إبراهيم -عليه السلام- وبين أمة محمد صلى الله عليه وسلم وفتحها للشام -ومنها الخليل- مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي!
نعم هو أمر مشتهر بين الناس قبل الإسلام وبعده ولكن لا دليل عليه صحيح صريح. وهذه الشهرة لم تقم على أساس يعتد به، ولم أجد فيما قرأت من آثار وأخبار نصاً صحيحاً صريحاً يؤكد أن القبر الذي في الخليل -فك الله أسرها- هو لأبينا الخليل صلى الله عليه وسلم فيبقى النزاع الذي أكد عليه شيخ الإسلام -نور الله قبره- مستمراً حتى يثبت من يقول إنه قبره ذلك ببرهان صحيح صريح.
ويقال ذلك أيضاً في القبور المنسوبة إلى الصحابة رضوان الله عليهم. فكل ما قيل في القبور المنسوبة إليهم لا يصح منه شيء! -باستثناء قبري العمرين -رضي الله عنهما- ومن ذلك القبر المنسوب لعلي رضي الله عنه وهو في الوقت نفسه منسوب للمغيرة ولا يصح كل منهما وليس أحد الدعويين بأولى من الأخرى!
وقد أشرنا في كلمتنا السابقة إلى أن هناك تناقضاً في نسبة بعض القبور وقلنا إن ذلك من أسباب تكذيبنا لها كما أن هناك أخباراً يستحيل تصديقها كنسبة بعض كتب التاريخ المعبد الوثني للحسين رضي الله عنه وهو منه براء لأنه قتل في كربلاء فما أوصله إلى تلك البلاد؟! ومثل ذلك أكذوبة وجود رأسه في ذلك المعبد المشار إليه فهي لا تقل غرابة عن قصة وجود جسده كاملاً ولشيخ الإسلام -رحمة الله ورضوانه عليه- كلام قيم في هذا الموضوع.
الخلاصة التي توصلنا إليها (بعد بحث طويل) هي ما نبهنا عليه سابقاً: أنه لا تصح نسبة قبر أحد من الأنبياء أو الصحابة إلى أحد منهم سوى قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الأنبياء، وقبري العمرين رضي الله عنهما من الأصحاب، وما عدا هذه القبور الثلاثة، لا يصح شيء منها حتى يلج الجمل في سم الخياط!
وقد نبهنا سابقاً إلى أن مجرد قول إنسان لم يحضر دفن النبي أو الصحابي إنه دفن هنا لا يعتد به! فلا بد من إسناد صحيح وخبر صريح على ذلك وإلا فلا قيمة له، وكل الأخبار التي نسبت القبور والمشاهد ما بين صريح غير صحيح أو صحيح غير صريح! والله تعالى أعلم.
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[19 - 02 - 05, 07:38 م]ـ
الأخ الحارثي فيه كتاب اسمه البلدانيات لأحد العلماء وذكر فيه الاتفاق على قبر إبراهيم وفيه غيره من الكتب فما أدري مرت عليك
وقولك (وهذه الشهرة لم تقم على أساس يعتد به) فهذه مسألة تاريخية لها قواعد معروفة عند العلماء وفي كتاب (منهج كتابة التاريخ) للسلمي قواعد في التاريخ
ولكن أخي الحارثي كيف نرد على هذا الكلام
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
(وأما قبر الخليل عليه السلام قالت العلماء على أنه حق، لكن كان مسدوداً بمنزلة حجرة النبي، ولم يكن عليه مسجد، ولا يصلي أحد هناك، بل المسلمون لما فتحوا البلاد على عهد عمر بن الخطاب بنوا لهم مسجداً يصلون فيه في تلك القرية، منفصلاً عن موقع الدير، ولكن بعد ذلك نقبت حائط المقبرة كما هو الآن النقب الظاهر فيه، فيقال: إن النصارى لما استولوا على البلاد نقبوه وجعلوه كنيسة، ثم لما فتحه المسلمون لم يكن المتولي لأمره عالماً بالسنة حتى يسده، ويتخذ المسجد في مكان آخر، فاتخذ ذلك مسجداً، وكان أهل العلم والدين العالمون بالسنة لا يصلون هناك)
ـ[الحارثي]ــــــــ[20 - 02 - 05, 12:29 ص]ـ
لقد قرأت نقل الاتفاق على موضع القبر من أكثر من مرجع ولم أغفل عن ذلك والحمد لله، وقرأت كلام شيخ الإسلام المذكور هنا وكلامه في مواضع أخرى، ولكن المسائل العلمية -كما أذكر دائماً- لا تقوم على اسم من نقلها بل تقوم على البرهان الذي يأتي به من نقلها! وقد قلت إنه لا يوجد نص صحيح صريح على تحديد قبر أبينا إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-.
بل إن كلام شيخ الإسلام المذكور سابقاً يؤكد وجود التنازع ويلغي بذلك دعوى الإجماع من أساسها! ويبقى أمامنا أن نطالب من يرجحون تحديد قبر الخليل بالبرهان على قولهم!
ـ[سعد سعيد]ــــــــ[18 - 01 - 06, 04:13 م]ـ
أما قبور الصحابة في البقيع فقد حفظت و أهل المدينة توارثوا تحديدها وما أظن أن أحدا من المسلمين الذين سكنوا المدينة نسوا قبر فاطمة رضي الله عنها والحسن والعباس وبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجات رسول الله أمهات المؤمنين، فهل إندثرت قبورهم أو فتحت ودفن غيرهم فيها، على كل كثير من الناس يأخذه الحماس إحتسابا على مظاهر الغلو فيقوم بإنكار كل ما ثبت بالتواتر، بحجة عدم وجود نصوص، وكذلك قبر حمزة رضي الله عنه والشهداء في أحد وكذلك الشهداء في بدر، وخديجة أم المؤمنين بالمعلاة وميمونة أم المؤمنين بسرف (النوارية) وغيرها، وإذ أراد أحد أن يعرف مواقع قبور بعض الصحابة في البقيع فليرجع إلى تواريخ المدينة القديمة والحديثة، وهي متقاربة الزمن في التأليف فلا يكاد يخلوا قرن لم يؤلف فيه عن تاريخ المدينة، ويجد فيه حتى تحديدها بالأذرع وتباعدها عن بعض، وكما نقل أخونا راجي رحمة ربه قولهم من حفظ حجة على من لم يحفظ.
¥