تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم إن مما يلفت نظر الباحث في هذا النسب هو كونه من نسل السلالة الشريفة غير أن من وضعه جعله من طريق الحسن العسكري، ولم يتنبه إلى كلام الأئمة في انقطاع عقبه، وأن ابنه محمداً مات في صغره وهذا ما اختارته طوائف من الشيعة غير الإمامية، ولأجل هذا افترقت الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري إلى أربعة عشر فرقة كما ذكر النوبختي في فرق الشيعة، أو خمسة عشر فرقة كما ذكر القمي في المقالات والفرق. فالإمامية منهم يقولون "بأن الحسن العسكري -وأنف التاريخ راغم- له ولد اختباء في سرداب بيت أبيه منذ أكثر من أحد عشر قرناً، وأنه لا يزال حياً، وأنه هو الحاكم الشرعي في الإسلام، وأن كل حاكم مسلم على وجه الأرض من ذلك الوقت إلى الآن إنما هو متغلب مفتئت ويدعي الولاية -ظلماً وبلا حق- على من له الولاية عليهم من المسلمين" (2) مع أنهم بالمقابل يروون عن أحمد بن عبيد الله بن خاقان في قصة طويلة أنه قال في الحسن العسكري:

"لما اعتل بعث السلطان إلى أبيه أن ابن الرضا قد اعتل، فركب من ساعته فبادر إلى دار الخلافة ثم رجع مستعجلاً ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته، فيهم نحرير فأمرهم بلزوم دار الحسن وتعرف خبره وحاله، وبعث إلى نفر من المتطببين فأمرهم بالاختلاف إليه وتعاهده صباحاً ومساءً، فلما كان بعد ذلك بيومين أو ثلاثة أخبر أنه قد ضعف، فأمر المتطببين بلزوم داره وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه وأمره أن يختار من أصحابه عشر ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه، فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلاً ونهاراً، فلم يزالوا هناك حتى توفي عليه السلام فصارت سر من رأى ضجة واحدة وبعث السلطان إلى داره من فتشها وفتش حجرها وختم على جميع ما فيها وطلبوا أثر ولده وجاؤا بنساء يعرفن الحمل، فدخلن إلى جواريه ينظرن إليهن، فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حمل فجعلت في حجرة ووكل بها نحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم، ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته وعطلت الأسواق وركبت بنو هاشم والقواد وأبي وسائر الناس إلى جنازته، فكانت سر من رأى يومئذ شبيهاً بالقيامة، فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكل فأمر بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة عليه دنا أبو عيسى منه فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والمعدلين وقال:

هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف أنفه على فراشه حضره من حضره من الخدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان ومن القضاة فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان، ثم غطى وجهه وأمر بحمله فحمل من وسط داره ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه.

لما دفن أخذ السلطان والناس في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور وتوقفوا عن قسمة ميراثه ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهم عليها الحمل لازمين حتى تبين بطلان الحمل، فلما بطل الحمل عنهن قسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر وادعت أمه وصيته وثبت ذلك عند القاضي" (3)، حتى كتب المفيد وغيره "فلم يظهر ولده في حياته، ولا عرفه الجمهور بعد وفاته وتولى جعفر بن علي أخو أبي محمد (ع) وأخذ تركته وسعى في حبس جواري أبي محمد واعتقال حلائله … .. وحاز جعفر ظاهراً تركته أبي محمد عليه السلام واجتهد في القيام عند الشيعة مقامه" (4).

ولكن مع كل هذا ظل الإمامية يعتقدون حياته فسبحان الله:

جمع النقيضين من أسباب قدرته * هذا السحاب به نار به ماء!

أما أهل السنة فقد قال الذهبي في السير: "فأما محمد بن الحسن هذا فنقل أبو محمد بن حزم أن الحسن مات عن غير عقب، قال وثبت جمهور الرافضة على أن للحسن ابنا أخفاه وقيل بل ولد له بعد موته من أمة اسمها نرجس أو سوسن، والأظهر عندهم أنها صقيل، وادعت الحمل بعد سيدها فاوقف ميراثه لذلك سبع سنين، ونازعها في ذلك أخوه جعفر بن علي فتعصب لها جماعة وله آخرون، ثم انفش ذلك الحمل وبطل فأخذ ميراث الحسن أخوه جعفر وأخ له، وكان موت الحسن سنة ستين ومئتين إلى أن قال وزادت فتنة الرافضة بصقيل وبدعواها إلى أن حبسها المعتضد بعد نيف وعشرين سنة من موت سيدها وجعلت في قصره، إلى أن ماتت في دولة المقتدر قلت: ويزعمون أن محمداٍ دخل سردابا في بيت أبيه وأمه تنظر إليه فلم يخرج إلى الساعة منه وكان ابن تسع سنين وقيل دون ذلك. قال ابن خلكان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير