تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يزيد فيه، ومرةً يقفه على عُمَر، وقال ابنُ عُيينة: وأكثر ذلك كان يقوله عَنْ عبد

الله بن عَامِر عَنْ أبيه عَنْ عُمَر عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم .. » [35].

بيّن يعقوبُ بنُ شيبة، والدّارقُطنيّ في كلامِهمَا السابق علةَ حديث عُمَر بن

الخطاب عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة ... » بياناً

شافياً، واشتمل بيانهما لعلة الحديث على عدة خطوات مرتبة:

1 - تحديد مدار الحديث:

بدأ يعقوبُ بذكرِ الراوي الذي تلتقي عنده الأسانيد وهو مدار الحديث وذكر

اسمه كاملاً فقال: «تابعوا بين الحج» حديثٌ رواه عَاصِم بن عُبَيد الله بنِ عَاصِم

بنِ عُمَر بن الخطاب»، ونحوه قول الدّارقُطنيّ.

فالخطوة الأولى تحديد الراوي مدار الحديث من حيثُ اسمُهُ ونسبُهُ ومولدهُ

ووفاتهُ وموطنهُ وأشهر أو أبرز أو أجل شيوخه، وأشهر تلاميذه [36]، وقد عُني

المحدثون بمعرفة الرجال من جميع النواحي المتقدمة؛ فمن الناحية الاسمية عُنُوا

بإزالة الإبهام وتعيين أسماء الرواة وآبائهم وكناهم وألقابهم وأنسابهم، وضبطوا ذلك

بغاية الدقة، وبينوا ما هو على ظاهره من الأنساب وما ليس على ظاهره، وميزوا

كلَّ راوٍ عما سواه تمييزاً دقيقاً [37]، وكذلك عُنُوا بتواريخ الرواة مولداً ووفاةً

وسماعاً [38]، قال السخاويُّ: «تواريخ الرواة والوفيات ... وهو فنٌّ عظيم الوقع

من الدين، قديم النفع به للمسلمين، لا يستغنى عنه .. » [39].

وللمتقدمين أقوال كثيرة دقيقة دالة على مدى اهتمامهم بهذا الجانب من علوم

الحديث؛ فمن تلك الأقوال: قولُ سفيان الثوري: «لما استعمل الرواةُ الكذب،

استعملنا لهم التاريخ» [40]، وقولُ حفص بن غياث: «إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه

بالسنين» [41]، وقولُ حسّان بن زيد: «لم نستعن على الكذابين بمثل التاريخ،

نقول للشيخ: سنة كم ولدت؟ فإذا أقر بمولده عرفنا صدقه من كذبه» [42].

وهذه الخطوة من الأهمية بمكان حيث إنّ أسماء الرجال وأنسابهم وكناهم قد

تتشابه مما يوقع الباحث في أوهام كبيرة. قال المعلميُّ رحمة الله عليه «الأسماء

كثيراً ما تشتبه ويقع الغلط والمغالطة فيها ... وقد يقول المحدث كلمة في راوٍ فيظنها

السامع في آخر، ويحكيها كذلك وقد يحكيها السامع فيمن قيلت فيه ويخطئ بعض

من بعده فيحملها على آخر؛ ففي الرواة المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن

هشام المخزومي، و المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حزام الحزامي،

و المغيرة بن عبد الرحمن بن عوف الأسدي، حكى عباس الدوري عَنْ يحيى بن

معين توثيق الأوّل، وتضعيف الثالث، فحكى ابنُ أبي حاتم عَن الدوريّ عَنْ ابن

معين توثيق الثاني ووَهّمه المزيُّ، ووثق أبو داود الثالث وضعف الأوَّل، فذكرت

له حكاية الدوريّ عَن ابن معين فقال: غَلِط عباس، وفي الرواة محمد بن ثابت

البناني و محمد بن ثابت العبدي وغيرهما ... وفي الرواة عُمَر بن نافع مولى ابن

عُمَر، و عمر بن نافع الثقفي .. » [43].

وقد كَثُرتْ أوهام المحققين المعاصرين في تسمية الرواة وأنسابهم، وتجرؤوا

على كتب السلف، بل قد وَهّموا الأئمة في ذلك!! والله المستعان.

ولا بدَّ هنا من التنبه إلى:

1 - عدم التوسع في هذه الخطوة بحيث تخرج عَنْ مقصودها الأصلي وهو

التعريف بالراوي المدار لا ترجمته ترجمةً مستوفية؛ فمثلاً سعيد بن المسيب،

و سالم بن عبد الله بن عُمَر، و نافع مولى ابن عُمَر، و الزهري، و مالك بن أنس

وغيرهم من كبار الأئمة المشهورين بالثقة والعدالة لا حاجة للإطالة في تراجمهم

لشهرتهم بل يكتفى بتعريف مختصر.

2 - العناية بالرجوع إلى المصادر الأصلية المتقدمة التي عُنيت بهذا الجانب

كتاريخي البخاري الكبير، والأوسط، والجرح والتعديل وغيرها قدر الإمكان؛ لأنّ

في رجوع الباحث للمصادر الأصلية المتقدمة تعميقاً لعلاقة طالب العلم بها، وفهماً

لكلامهم في هذا الشأن، ودُرْبة على طرائقهم في التأليف وغير ذلك من الفوائد.

2 - بيان حال الراوي الذي تلتقي عنده الأسانيد:

بعد تحديد المدار بيّن يعقوبُ بنُ شيبة حالَ المدار من حيثُ القوة والضعف

فقال: «وهو مضطرب الحديث»، وقال الدّارقُطنيّ: «ولم يكن بالحافظ».

فالخطوة الثانية دراسة حال الراوي من حيث القوة والضعف، ويراعى في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير