تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقرائن تخصها، ومن حكم في ذلك حكماً عاماً فقد غلط؛ بل كل زيادة لها حكم

يخصها؛ ففي موضع يجزم بصحتها .. وفي موضع يغلب على الظن صحتها ..

وفي موضع يجزم بخطأ الزيادة .. وفي موضع يغلب على الظن خطؤها .. وفي

موضع يتوقف في الزيادة» [52].

وقال العلائيُّ رحمة الله عليه: «وأمَّا أئمةُ الحديثِ فالمتقدمون منهم كيحيى

بن سعيد القطان، و عبد الرحمن بن مهدي، ومن بعدهما كعلي بن المديني و أحمد

بن حنبل، و يحيى بن معين، وهذه الطبقة، وكذلك من بعدهم كالبخاريّ، و أبي

حاتم، و أبي زرعة الرازيين، و مسلم، و النسائي، و الترمذي، وأمثالهم، ثم

الدارقطني و الخليلي كلُّ هؤلاء يقتضي تصرفهم في الزيادة قبولاً وردّاً الترجيح

بالنسبة إلى ما يقوى عند الواحد منهم في كل حديث، ولا يحكمون في المسألة بحُكْمٍ

كُليّ يعم جميعَ الأحاديث، وهذا هو الحق الصواب كما سنبينه إن شاء اللهُ تعالى .. »

[53].

والأئمةُ يصرحون أحياناً بهذه القرائن والطرق، وأحياناً تفهم وتستنبط من

صنيعهم؛ فمن تلك الطرق والقرائن [54]:

1 - الترجيح بالحفظ والإتقان والضبط.

2 - الترجيح بالعدد والكثرة.

3 - سلوك الراوي للجادة والطريق المشهور.

4 - الترجيح بالنظر إلى أصحاب الراوي المقدمين فيه.

5 - الترجيح باعتبار البلدان واتفاقها.

6 - الترجيح بالزيادة.

7 - عدمُ وجودِ الحديث في كتب الراوي الذي رُوي الحديث عنه.

8 - شهرة الحديث وانتشاره من طريق يدل على غلط من رواه من طريق

آخر.

9 - وجود قصة في الخبر تدل على صحة الطريق.

10 - التفرد عَنْ إمام مشهور وله تلاميذ كثيرون.

11 - تحديثُ الراوي في مكان ليس معه كتبه.

12 - التحديث بنزول مع إمكانية العلو في السماع.

13 - عدم العلم برواية الراوي عمن روى عنه، أو عدم سماعه منه.

14 - إمكانية الجمع بين الروايات عند التساوي.

15 - رواية الراوي عَنْ أهل بيته.

16 - اختلاف المجالس وأوقات السماع.

17 - ورود الحديث بسلسلة إسناد لم يصح منها شيء.

18 - التحديث من كتاب.

19 - ضعف الراوي أو وهمه أو اضطرابه.

20 - مشابهة الحديث لحديث راوٍ ضعيف.

21 - أن يروي الرجل الحديثَ على وجهين: تارةً كذا، وتارةً كذا، ثم

يجمعهما معاً؛ فهذا قرينة على صحتهما معاً.

22 - قبول الراوي للتلقين.

23 - ورود الحديث عَنْ راوٍ وقد ورد عنه ما يدل على خلافه موقوفاً.

24 - مخالفة الراوي لمَا روى سواء وُجِد اختلاف أو لم يوجد على تفصيل

في ذلك.

25 - اضطراب إحدى الروايات.

26 - دلالة الرواية على الكذب.

27 - شهرة الراوي بأمر معين؛ كاختصار المتون، أو الإدراج فيها، أو

الرواية بالمعنى، أو التصحيف في الألفاظ أو الأسماء، أو قصر الأسانيد، أو جمع

الرواة حال الرواية.

والحق أنَّ قرائن الترجيح كثيرة لا تنحصر؛ فكلُّ حديثٍ له نقدٌ خاص. قال

ابنُ حجر: «ووجوه الترجيح كثيرة لا تنحصر ولا ضابط لها بالنسبة إلى جميع

الأحاديث، بل كل حديث يقوم به ترجيح خاص، وإنّما ينهض بذلك الممارس

الفطن الذي أكثر من الطرق والروايات، ولهذا لم يحكم المتقدمون في هذا المقام

بحكم كلي يشمل القاعدة بل يختلف نظرهم بحسب ما يقوم عندهم في كل حديث

بمفرده» [55].

وقال ابن رجب: «قاعدةٌ مهمةٌ: حذّاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم

للحديث، ومعرفتهم بالرجال، وأحاديث كل واحد منهم، لهم فهم خاص يفهمون به

أنَّ هذا الحديث يشبه حديث فلان، ولا يشبه حديث فلان، فيعللون الأحاديث بذلك،

وهذا مما لا يعبر عنه بعبارة تحصره، وإنما يرجع فيه إلى مجرد الفهم والمعرفة

التي خصوا بها عَنْ سائر أهل العلم» [56].

وفي الختام أنبه على أمور:

1 - ضرورة العنايةِ بعلم علل الحديث بالنسبة للمشتغلين بالحديث وعلومه،

ومن لا يحسنه ولا يفهمه لا يحل له الحكم على الأحاديث حتى يتعلمه ويفهمه،

وينبغي تشجيع الطلبة على دراسته، وتقرير مقرر خاص لطلبة الدراسات العليا في

هذا الفن والبحث فيه.

2 - ضرورة فهم مصطلحات أئمة الحديث المتقدمين حسب استعمالهم لها عَن

طريق الجمع والاستقراء والدراسة والموازنة.

3 - اتباع الأئمةِ المتقدمين في تعليلهم للأخبار، وعدم التسرع في الرد عليهم،

وهذا من باب الاتباع المحمود لا التقليد المذموم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير