تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 ًـ إنّ هناك حدثاً مميَّزاً جاء في بعض الرّوايات، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلّم بعدما توضّأ ومسح على خفّيه، لحق بالناس فإذا بهم أقاموا الصّلاة وأمّهم عبد الرحمن بن عوف، فصلى النبي صلى الله عليه وسلّم خلفه.

وهذه القصّة لا يمكن أن تتكرر وهي فريدة. و المهم في الموضوع أننا نجد هذه القصة كاملة في بعض الروايات، و مختصرة في روايات أخرى، وفي بعض الروايات يأتي ذكر أطرافها التي تشير إليها، وهذه الروايات التي أتحدّث عنها هي نفسها التي ظنّها مَنْ صحّحَ الحديث منفصلةً عن بعضها ــ لأن في بعضها مسح الخفّين فقط وفي بعضها مسح الناصية والعمامة، وفي بعضها كان يتوضّأ ثلاثاً ــ مما يدلنا على أن كل هذه الأوصاف إنّما كانت في واقعة واحدة.

3ـًـ إنّ الروايات ــ التي جاء فيها مرةً أن المغيرة أراد أن ينزع خفي النبي صلى الله عليه وسلّم فقال له عليه السلام: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، ومرّة قال المغيرة للنبي صلى الله عليه وسلّم أنسيتَ لم تنزع الخفّين فقال له صلى الله عليه وسلّم لم أَنْسَ .. ، ومرّة قال المغيرة فمسح صلى الله عليه وسلّم على الخفّين، هكذا ومن دون استفهام بل حكاية حال ــ تنتهي دائماً بذكر صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم خَلْفَ ابن عوف، مما يدل على أنّها قصّة واحدة وإنْ كانت ألفاظها المختلفة خَيَّلَت للبعض أنها قصص مختلفة.

4 ًـ لو كانت تلك الرِّوايات لحوادِثَ متعددة، لفُهِمَ منها أنّ مسحَ النبي صلى الله عليه وسلّم على الخفّين كان مشهوراً ومعروفاً، وخاصّة عند الصحابة المتقدِّمين والمتتبّعين لسنّة النبي صلى الله عليه وسلّم أمثال الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. ولكننا نجد العكس فقد كان ابن عمر وغيره من الصّحابة ينكرون المسحَ على الخفّين * حتى ثبت لهم أنه كان من فعله صلى الله عليه وسلّم وذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلّم. فقد روى الإمام مالك في الموطّأ عن نافع وعبد الله بن دينار، أنهما أخبراه أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقّاص، وهو أميرها، فرآه عبد الله بن عمر يمسح على الخفّين، فأنكر ذلك عليه، فقال له سعدٌ: سلْ أباك إذا قدمت عليه؛ فقدم عبد الله بن عمر، فنسي أن يسأل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه حتى قدم سعد، فقال: أسألت أباك؟ فقال: لا، فسأله عبدُ الله، فقال عمر: إذا أدخلْتَ رِجْلَيْكَ في الخفين، وهما طاهرتان، فامسح عليهما، قال عبد الله: وإنْ جاء أحدُنا مِنَ الغائط؟ قال عمر: وإن جاء أحدُكم من الغائط.

..............................

* الثّابت والمتواتر عندنا الآن، فما بالك بالمسح على الجوربين؟

..............................

ــ وقد قال الإمام ابن تيمية: " .. إن أصل المسح على الخفّين خَفِي على كثير من السلف و الخلف، حتّى إن طائفة من الصحابة أنكروه، وطائفة من فقهاء أهل المدينة وأهل البيت أنكروه مطلقاً، وهو رواية عن مالك، والمشهور عنه جوازه في السفر دون الحضر. وقد صنّف الإمام أحمد كتاباً كبيراً في (الأشربة) في تحريم المسكر ولم يذكر فيه خلافاً عن الصحابة، فقيل له في ذلك (أي في المسح على الخفّين) فقال: هذا صحّ فيه الخلاف عن الصحابة بخلاف المُسكر. انتهى الفتاوى ج 21 صـ185

6 ًـ وقد رُوِيَ هذا الحديث، في المسح على الخفّين عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، مِنْ نحو ستّين طريقاً، (كما قال الإمام ابن عبد البرّ في " التمهيد" ج 11 صـ127). كلّهم يقول فمسح على الخفّين، إلا أبا قيس ـ عبد الرحمن بن ثَرْوان ـ قال: ومسح على الجوربين والنعلين. فخالف الجميع. وقد وثّقه العجلي و ابن معين، ومع ذلك قال ابن معين: الناسُ كلُّهم يروونه على الخفّين، غيرَ أبي قيس. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: ليس بقوي، هو قليل الحديث، وليس بحافظ، قيل له: كيف حديثه؟ فقال: صالح، هو ليّن الحديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير