و على كل فالنظر في أحوال رواة هذه الطبقة و مروياتهم، كما أسلفنا، من أصعب و أدق و أخفى الأمور في هذه الصناعة.بل إن الأئمة أصحاب مصنفات الحديث المشهورة، كانوا يلتزمون الإعتبار، على نحو ما يعرفونه و يمارسونه، على كثير من الرواة حتى الثقات في عرف غيرهم، من المتأخرين مثلا.
قال العلامة الحازمي [نقلا عن فضائل الكتاب الجامع (34) للإسعردي]: (اعلم أنه لهولاء الأئمة، يعني البخاري ومسلم و أبا داود و الترمذي والنسائي مذهبا في كيفية استنباط مخارج الحديث نشير إليها على سبيل الإيجاز، و ذلك أن مذهب من يخرج الصحيح أن يعتبر حال الراوي العدل في مشايخه وفيمن روى عنهم وهم ثقات أيضا وحديثه عن بعضهم صحيح ثابت يلزمهم إخراجه وعن بعضهم مدخول لا يصلح إخراجه إلا في الشواهد والمتابعات وهذا باب فيه غموض).
قلت: بعد كتب هذا وقفت على كلام للحافظ بن رجب الحنبلي رحمه الله في شرحه لعلل الترمذي يبين فيه مراد النقاد من مصطلح الشيوخ. قال:
(و الشيوخ في اصطلاح أهل هذا العلم عبارة عمن دون الأئمة و الحفاظ و قد يكون فيهم الثقة و غيره).
ثم أستدرك هنا و أقول أني وقفت على كلام للعلامة محدث الديار اليمنية الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في كتابه " إجابة السائل على أهم المسائل " جاء فيه (صفحة 448) مجيبا على أحد الأسئلة (يلاحظ أن إجابة الشيخ أفرغت من أشرطة بإذنه، فلا يعرج على الأسلوب بل يغتفر لضرورة إفهام الحضور من العامة). قال: (الناس في هذا الباب توسعوا أي توسع، رخص عبد الله بن المبارك و عبد الرحمن بن مهدي و جماعة من العلماء منهم البيهقي، رخصوا في التحديث بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال، و لكنهم يقصدون بالأحاديث الضعيفة، و هكذا الإمام أحمد بن حنبل رخص، يقصدون به لأنهم مثلوا، قالوا مثل، محمد بن عمرو بن علقمة و محمد بن عجلان، و ذكروا جماعة ممن يحسن أهل العلم أحاديثهم، فعلم أنهم يقصدون بالضعيف الحسن، ما قصدوا الضعيف الذي اشتد ضعفه) انتهى المراد من كلام الشيخ، و لكلامه بقية حول أحاديث الفضائل ينظر هناك ن و إنما اقتصرنا في هذا المقام بمل الشاهد، و هو ما أثبتناه قبل، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ـ[عبدالله بن عبدالرحمن]ــــــــ[11 - 01 - 03, 05:27 ص]ـ
بحث جيد ومتقن
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[11 - 01 - 03, 07:39 م]ـ
للرفع.
وجزاك الله خيراً.
ـ[أبو أويس المغربي]ــــــــ[26 - 11 - 07, 08:57 م]ـ
أحسن الله إليك.
ـ[أبو معاوية غالب]ــــــــ[24 - 10 - 09, 08:24 ص]ـ
بارك الله فيك
الإشكال في قولنا أرادوا الحسن لا الضعيف أنه يفهم من ذلك أنهم ما كانوا يأخذون بالحسن في الأحكام فقط في الفضائل ونحوها وهذا خلاف المشهور والذي استقر عليه العمل.
فحبذا لو جليت لنا هذا الإشكال على هذا التفسير.
أو نختار تفسيرا آخر وهو الذي ذكره الشيخ الألباني كما نقلته.
فيكون المعنى أنهم يتساهلون في الرواية بالأسانيد.
ولكن على هذا التفسير أيضا يكون الإشكال أن الإمام أحمد قد روى في مسنده الضعيف في الأحكام.
ولم يشترط على نفسه الصحة فيما يروي بالأسانيد.