تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأبى عبدُ الرحمن بن مهدي أن يحدث بهذا الحديث وقال: هو منكر، وأسند البيهقي أيضا عن علي بن المديني قال: حديث المغيرة ابن شعبة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة ورواه هذيل بن شرحبيل عن المغيرة إلا انه قال ومسح على الجوربين فخالف الناس، وأسند أيضا عن يحيى بن معين قال: الناس كلهم يروونه على الخفين غير أبي قيس. اهـ

قلت: وقد وقع ممن أعل الحديث أيضاً الدارقطني في كتابه العلل (7 ـ 112) وقد سئل عن حديث هزيل بن شرحبيل عن المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين والنعلين، فقال: يرويه الثوري عن أبي قيس الأودي عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة ورواه كليب بن وائل عن أبي قيس عمن أخبره عن المغيرة وهو هزيل ولكنه لم يسمه ولم يروه غير أبي قيس وهو مما يعد عليه به لأن المحفوظ عن المغيرة المسح على الخفين. اهـ

كذلك وجدت البخاري في التاريخ الكبير (3 ـ 137) ينقل عن يحيى بن معين تضعيفه لحديث أبي قيس، ومن المعروف أن هذا النقل منه مع السكوت عليه إقرار لابن معين.

وقال العقيلي في كتابه الضعفاء بعد هذا الحديث: والرواية في الجوربين فيها لين.

فظهر لدينا مما تقدم أن حديث المغيرة، قد ضعفه جمع من الأئمة منهم: أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن معين وسفيان الثوري وعلي بن المديني والبخاري ومسلم بن الحجاج وأبو داود والنسائي و الدارقطني، والبيهقي ………….

ومن المعلوم أن هؤلاء الأئمة هم أكابر من تكلم بالعلة، وهي شرط من شروط الصحة والحُسن في الحديث، فكيف يصح الحديث وقد فقد أهم شروط صحته.

ومما تقدم معنا أيضاً أن الحديث لا يُعرف إلا من طريق سفيان الثوري، الذي نص على ضعف هذا الحديث بعينه، فيا سبحان الله كيف نصحح روايةً ضعفها راويها، والذي يُعدّ في الوقت نفسه من أكابر الحفاظ والنّقاد.!!

فإن قال أحدهم: إن لفظة الجوربين زيادة على أصل الحديث المعروف وزيادة الثقة مقبولة. قلنا له:إنه من غير المعقول أن يغفل هؤلاء الأئمة عن قاعدة زيادة الثقة وهم الذين قعّدوها في علم الحديث.

ومن الملاحظ أن الترمذي قد نقل عن الإمام أحمد وسفيان الثوري أنهما قالا بالمسح على الجوربين، وقد مر معنا أنهما قالا بضعف الحديث، وهنا يجب أن ننبه إلى أن عمل الإمام بفقه حديث لا يكون تصحيحاً له دائماً، لأنه قد يصح العمل عنده بفقه الحديث لأدلة أخرى، وهذا الحديث ينطبق عليه هذا الأمر لأن الإمام أحمد والثوري اشترطا في الجوربين أن يكونا ثخينين كما نقل عنهم الترمذي، ولو كان الحديث عندهم صحيحاً لاكتفيا بظاهر الحديث.

والحق أنني وقعت على طريقين آخرين لحديث المغيرة لم يوردها من صحح حديثه، الأول في معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي (2ـ704).

حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن مرداس الواسطي أبو بكر من حفظه إملاء قال: سمعت أحمد بن سنان يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: عندي عن المغيرة بن شعبة ثلاثة عشر حديثاً في المسح على الخفين فقال: أحمد الدورقي حدثنا يزيد بن هارون عن داود بن أبي هند عن أبي العالية عن فضالة بن عمرو الزهراني عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين. قال فلم يكن عنده فاغتم.

قلت: رواه الطبراني من نفس الطريق بإسنادين عن يزيد بن هارون، وعن داود بن أبي هند، وذكرا فيه الخفين بدل الجوربين.

حدثنا سعيد بن سيار الواسطي ثنا عمرو بن عون أنا خالد عن داود بن أبي هند عن أبي العالية عن فضالة بن عمرو الزهراني عن المغيرة بن شعبة.

حدثنا إدريس بن جعفر العطار ثنا يزيد بن هارون أنا داود بن أبي هند عن أبي العالية عن فضالة بن عمرو الزهراني عن المغيرة بن شعبة.

(الطبراني في الكبير: 20ـ425)

كذلك فإن أبا العالية كثير الإرسال، وفضالة بن عمرو الزهراني، مقل عداده في البصريين ولم تعرف لأبي العالية رواية عنه.

والطريق الثاني في طبقات المحدثين بأصبهان: (4ـ13) حدثنا أحمد بن محمد قال ثنا إسماعيل بن يزيد قال ثنا أبو داود قال ثنا سعيد بن عبد الرحمن عن ابن سيرين عن عمرو بن وهب عن المغيرة بن شعبة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على يباع والجوربين والخفين. (طبقات المحدثين بأصبهان: 4ـ13)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير