تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و أما حديث هشام الدستوائي، فقال ابن ماجه في سننه: حدثنا حميد بن مسعدة، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا هشام، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يجعلهما قريباً من أذنيه، و إذا ركع صنع مثل ذلك، و إذا رفع رأسه من الركوع صنع مثل ذلك. فهذا يزيد بن زريع، و هو من الحفاظ الأعلام روى حديث هشام الدستوائي و لم يذكر ما ذكره معاذ عن أبيه من رفع اليدين إذا رفع رأسه من السجود.

و يزيد و معاذ ليسا سواء عند أهل العلم بالرجال. أما يزيد، فقال فيه ابن معين: ثقة مأمون. و قال أبو حاتم: ثقة إمام. و قال الإمام أحمد: ما أتقنه، ما أحفظه. و أما معاذ، فقال فيه: ابن معين صدوق، ليس بحجة. و قال ابن عدي: له حديث كثير، ربما يغلط، و أرجو أنه صدوق.

و بما ذكرنا يعلم شذوذ رواية ابن أبي عدي عن شعبة، و رواية عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة، و رواية معاذ بن هشام، عن أبيه. و مما يدل على شذوذ رواياتهم أيضاً ما رواه حماد بن سلمه و أبو عوانة عن قتادة.

فأما حديث حماد بن سلمة، فقال البخاري – رحمه الله تعالى – في جزء رفع اليدين: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، أنبأنا قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث – رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه إلى فروع أذنيه، و إذا رفع رأسه من الركوع فعل مثله.

و أما حديث أبي عوانة، فقال مسلم في صحيحه: حدثنا أبو كامل الجحدري، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه، و إذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه، و إذا رفع رأسه من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده فعل مثل ذلك. و قد رواه الدارقطني في سننه: عن عبد الله بن عبد العزيز، عن أبي كامل فذكره بنحوه.

فهذا هو المحفوظ عن قتادة، ليس فيه ذكر رفع اليدين إذا سجد، و إذا رفع رأسه من السجود، و مما يدل على شذوذ الرواية بذلك أيضاً ما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث خالد الحذاء، عن أبي قلابة أنه رأى مالك بن الحويرث – رضي الله عنه – إذا صلى كبر، و رفع يديه، و إذا أراد أن يركع رفع يديه، و إذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه، و حدث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صنع هكذا.

فهذه الرواية المتفق على صحتها توافق ما رواه الأئمة الأثبات من حديث قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث – رضي الله عنه – و ترد ما شذ به من شذ عنهم. و العمدة في حديث مالك بن الحويرث – رضي الله عنه - على هذه الرواية، و على ما وافقها، و أيضاً فان الروايات التي فيها ذكر الرفع في السجود، و الرفع منه قد عنعنها قتادة، و هو مدلس، و هذه علة أخرى غير الشذوذ. و الله أعلم.

و من أصح ما رأيت أيضاً في رفع اليدين عند الرفع من السجود ما رواه أبو داود في سننه: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا محمد بن جحادة، حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر، قال: كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي، فحدثني علقمة بن وائل، عن أبي حجر – رضي الله عنه – قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم، فكان إذا كبر رفع يديه، قال: ثم التحف، ثم أخذ شماله بيمينه، و أدخل يده في ثوبه. قال: فإذا أراد أن يركع أخرج يديه ثم رفعهما، و إذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع رفع يديه ثم سجد، و وضع وجهه بين كفيه، و إذا رفع رأسه من السجود أيضاً رفع يديه، حتى فرغ من صلاته. قال محمد: فذكرت ذلك للحسن بن أبي الحسن، فقال: هي صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم فعله من فعله و تركه من تركه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير