تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَدِرُ مِنْ صَبَبٍ}. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَزَادَ: {وَإِذَا مَشَى لَكَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صُعُدٍ}. وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا مَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ}. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْهُ: {كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا مَشَى تَقَطَّعَ كَأَنَّمَا يَنْحَدِرُ مِنْ صَبَبٍ}.

فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا لَمْ نَذْكُرْ أَنَّ مِشْيَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ بِمُمَاتَةٍ وَلَا بِمُهَانَةٍ , وَالصَّبَبُ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْأُولَى: الْمَوْضِعُ الْمُنْحَدِرُ مِنْ الْأَرْضِ , وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى سُرْعَةِ مَشْيِهِ ; لِأَنَّ الْمُنْحَدِرَ لَا يَكَادُ يَثْبُتُ فِي مَشْيِهِ , وَالتَّقَطُّعُ الِانْحِدَارُ مِنْ الصَّبَبِ , وَالتَّقَطُّعُ مِنْ الْأَرْضِ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ.

يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَسْتَعْمِلُ التَّثَبُّتَ وَلَا يُبَيَّنُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اسْتِعْجَالٌ وَمُبَادَرَةٌ شَدِيدَةٌ , وَأَرَادَ بِهِ قُوَّةَ الْمَشْيِ , وَأَنَّهُ يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ رَفْعًا قَوِيًّا لَا كَمَنْ يَمْشِي اخْتِيَالًا وَيُقَارِبُ خَطْوَهُ , فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ مَشْيِ النِّسَاءِ.

نَعَمْ يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُقَارِبَ خُطَاهُ إذَا كَانَ ذَاهِبًا إلَى الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ.

فَأَعْدَلُ الْمِشْيَاتِ مِشْيَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الْمَاشِيَ إنْ كَانَ يَتَمَاوَتُ فِي مِشْيَتِهِ وَيَمْشِي قِطْعَةً وَاحِدَةً كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ مَحْمُولَةٌ فَمِشْيَةٌ قَبِيحَةٌ مَذْمُومَةٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: الثَّانِيَةُ مِنْ الْمِشْيَاتِ: أَنْ يَمْشِيَ بِانْزِعَاجٍ وَاضْطِرَابٍ , مَشْيَ الْجَمَلِ الْأَهْوَجِ , وَهِيَ مَذْمُومَةٌ أَيْضًا , وَهِيَ عَلَامَةٌ عَلَى خِفَّةِ عَقْلِ صَاحِبِهَا , وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ يَمِينًا وَشِمَالًا.

الثَّالِثَةُ: أَنْ يَمْشِيَ هَوْنًا وَهِيَ مِشْيَةُ عِبَادِ الرَّحْمَنِ.

قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ: بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ مِنْ غَيْرِ كِبْرٍ وَلَا تَمَاوُتٍ , وَهِيَ مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[ص: 350] الرَّابِعَةُ: السَّعْيُ. الْخَامِسَةُ: الرَّمَلُ وَتُسَمَّى الْخَبَبَ , وَهِيَ إسْرَاعُ الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَا بِخِلَافِ السَّعْيِ. السَّادِسَةُ: السَّيَلَانُ , وَهُوَ الْعَدْوُ الْخَفِيفُ بِلَا انْزِعَاجٍ.

السَّابِعَةُ: الْخَوْزَلَى , وَهِيَ مِشْيَةٌ فِيهَا تَكَبُّرٌ وَتَخَنُّثٌ. الثَّامِنَةُ: الْقَهْقَرَى وَهِيَ الْمَشْيُ إلَى وَرَائِهِ.

التَّاسِعَةُ: الْجَمَزَى يَثِبُ فِيهَا وَثْبًا. الْعَاشِرَةُ: التَّمَايُلُ كَمِشْيَةِ النِّسْوَانِ. وَإِذَا مَشَى بِهَا الرَّجُلُ كَانَ مُتَبَخْتِرًا. وَأَعْلَاهَا مِشْيَةُ الْهَوْنِ وَالتَّكَفُّؤِ انْتَهَى.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير