تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال أبو داود: روى هذا الحديث همام، عن ابن جحادة لم يذكر الرفع مع الرفع من السجود. قلت: و حديث همام رواه مسلم في صحيحه عن زهير بن حرب، حدثنا عفان، عن حدثنا همام، حدثنا محمد بن جحادة، حدثني عبد الجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل و مولى لهم أنهما حدثاه، عن أبيه وائل بن حجر – رضي الله عنه – أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر – وصف همام حيال اذنيه – ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب، ثم رفعهما، ثم كبر فركع، فلما قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه، فلما سجد سجد بين كفيه.

و قد روي حديث علقمة من وجه آخر، و ليس فيه ذكر الرفع إذا رفع من السجود. قال البخاري – رحمه الله تعالى – في جزء رفع اليدين: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، أنبأنا قيس بن سليم العنبري، قال: سمعت علقمة بن وائل بن حجر، حدثني أبي، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه و سلم فكبر حين افتتح الصلاة و رفع يديه، ثم رفع يديه حين أراد أن يركع و بعد الركوع. إسناده صحيح على شرط مسلم.

و قد رواه النسائي في سننه عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن قيس بن سليم، فذكره بنحوه، و إسناده جيد.

و روى هذا الحديث أيضاً من وجه آخر عن وائل – رضي الله عنه – و ليس فيه ذكر الرفع إذا رفع من السجود. قال البخاري – رحمه الله تعالى – في جزء رفع اليدين: حدثنا محمد بن مقاتل، أنبأنا عبد الله – يعني ابن المبارك – أنبأنا زائدة بن قدامة، حدثنا عاصم بن كليب الجرمي، حدثنا أبي، أن وائل بن حجر – رضي الله عنه – أخبره، قال: قلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم كيف يصلي. قال فنظرت إليه، قال: فكبر و رفع يديه، ثم لما أراد أن يركع رفع يديه مثلها، ثم رفع رأسه فرفع يديه مثلها. إسناده جيد. و قد رواه النسائي في سننه عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك. و رواه البخاري أيضاً من حديث ابن إدريس، عن عاصم بن كليب. و رواه النسائي أيضاً و الدارقطني من حديث سفيان، عن عاصم بن كليب. و رواه أبو داود و ابن ماجه من حديث بشر بن المفضل، عن عاصم بن كليب.

و رواه الدارقطني أيضاً من حديث جرير و صالح بن عمر الواسطي و أبي الأحوص كلهم عن عاصم بن كليب.

فهذه الروايات المتعاقدة تدل على شذوذ ما في رواية أبي داود من ذكر الرفع إذا رفع من السجود و الله أعلم.

و قد روى الدارقطني في سننه من طريق هشيم و جرير، عن حصين بن عبد الرحمن، قال: دخلنا على إبراهيم فحدثه عمرو بن مرة، قال: صلينا في مسجد الحضرميين فحدثني علقمة بن وائل، عن أبيه – رضي الله عنه – أنه رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم يرفع يديه حين يفتتح الصلاة، و إذا ركع، و إذا سجد. و قد رواه البخاري في جزء رفع اليدين، و ليس فيه ذكر الرفع عند السجود، فقال: حدثنا مسدد، حدثنا خالد، حدثنا حصين، عن عمرو بن مرة، قال: دخلت مسجد حضرموت، فإذا علقمة بن وائل يحدث عن أبيه – رضي الله عنه – قال: كان النبي صلى الله عليه و سلم يرفع يديه قبل الركوع. فقد اختلفت الرواية عن علقمة بن وائل عن أبيه، كما ترى ففي رواية أبي داود أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يرفع يديه إذا رفع رأسه من السجود. و في رواية الدارقطني أنه كان يرفع يديه إذا سجد، و ليس ذلك في رواية مسلم، و لا في رواية البخاري و النسائي. و هذا مما يدل على أن هذه الزيادة الشاذة غير محفوظة. و أما رواية عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل – رضي الله عنه -. فلم يختلف فيها، و الأخذ بها أولى من الأخذ بما اختلف فيه لا سيما و قد اعتضدت رواية عاصم برواية همام التي أخرجها مسلم في صحيحه، و برواية قيس بن سليم التي رواها البخاري و النسائي و بالأحاديث الكثيرة الصحيحة مما تقدم ذكره، و ما سيأتي قريباً، و ما لم يذكر ههنا، و الله أعلم.

و قد اعتمد الشيخ الألباني في إثبات رفع اليدين في السجود و الرفع منه على ما ذكرنا من الروايات الشاذة عن مالك بن الحويرث، و وائل بن حجر – رضي الله عنهما -، و لا ينبغي الاعتماد على مثلها لشذوذها و مخالفتها لما هو أصح منها، و هو ما تقدم في حديث ابن عمر، و علي – رضي الله عنهم -، و الله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير