وهذا العلامة علي القاري قال في المرقاة في شرح حديث سعد: "هذا أصل صحيح لتجويز السبحة، لتقريره صلى الله عليه وآله وسلم تلك المرأة، إذ لا فرق بين المنظومة والمنشورة، ولا يعتد بقول من عدها بدعة." ا. هـ
وهذا الشيخ العلامة الشهير بابن أمير الحاج-تلميذ الشيخ ابن الهمام والحافظ ابن حجر- يقول بعد ما ذكر حديث سعد وبسيرة:"هذه الأحاديث مما تشهد بجواز السبحة المعروفة لإحصاء عدد التسبيح وغيره من الأذكار من غير أن يتوقف على ورود شيء خاص فيها بعينها، بل حديث سعد كالنص في ذلك، إذ لا تزيد السبحة على مضمونه إلا بضم النوى ونحوه في خيط، ومثل ذلك لا يظهر تأثيره في المعنى، فلا جرم إن نقل اتخاذها والعمل بها عن جماعة من السادة الأخيار. ا. هـ"
وهذا العلامة الشيخ زين العابدين بن إبراهيم بن نجيم صاحب الأشباه والنظائر يقول:" هذا الحديث ونحوه مما يشهد به بأنه لا بأس باتخاذ السبحة المعروفة لإحصاء عدد الأذكار، إذ لا تزيد السبحة على مضمون هذا إلا بضم النوى ونحوه في خيط، ومثل ذلك لا يظهر تأثيره في المنع، اللهم إلا إذا ترتب رياء وسمعة، فلا كلام لنا فيه. ا. هـ"
وكذلك الحافظ ابن الصلاح – رحمه الله تعالى- في فتواه (1/ 400) يفيد جوازاها حيث قال في مسألة هل يجوز للإنسان أن يسبح بسبحة خيطها حرير والخيط ثخين؟
أجاب –رحمه الله تعالى-:" لا يحرم ما ذكره في السبحة المذكورة والأولى إبدالها بخيط آخر."
وقال الإمام النووي – رحمه الله تعالى- في تهذيب الأسماء واللغات (3/ 143 - 144):"السبحة بضم السين وإسكان الباء، خرز منظومة يسبح بها، معروفة تعتادها أهل الخير، مأخوذة من التسبيح."
وسئل الحافظ ولي الدين ابن الحافظ العراقي شيخ الحافظ ابن حجر في الأجوبة المرضية عن الأسئلة المكية في المسألة العشرين " اتخاذ السبحة والتعديد بها –هل ثبت فيه أصل يعتد به؟ واتخاذها مع حصول تذكير منه لصاحبها ولغيره خير أم تركها؟ الجواب (أن اتخاذ السبحة المعروفة وخصوصها لعدد التسبيح لا أعلم فيه شيئا ثابتا عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- لكن وردت عدة أحاديث في عقد التسبيح بالأصابع، وفي التسبيح بالحصى، والنوى فهو أصل المسبحة اذ هو في معناه ....... ) ا. هـ وذكر بعد ذلك الأحاديث التي ذكرها الإمام الشوكاني - رحمه الله تعالى -.
وهذا الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى – قال في الوابل الصيب: (الفصل الثامن والستون في عد التسبيح بالأصابع وأنه أفضل من السبحة).
وقد ألف الحافظ السيوطي - رحمه الله تعالى – المنحة في السبحة.
وقد ألف الحافظ ابن طولون - رحمه الله تعالى – الملحة فيما ورد في أصل السبحة.
وقد ألف العلامة محمد بن علان الصديقي الشافعي - رحمه الله تعالى – جزءاً لطيفاً سماه إيقاد المصابيح لمشروعية اتخاذ المسابيح (ذكره في الفتوحات الربانية شرح الأذكار النووية 1/ 252).
هذا بخلاف الأئمة الأعلام الذين ذكروا الأحاديث والآثار وان كان في بعضها ضعف إلا أنهم لم يعترضوا ولم يعلقوا عليها، ولم يقل أحد منهم ببدعية السبحة مثل: الحفاظ العلماء أبو داود، الترمذي، النسائي، الحاكم، ابن حبان، المنذري، الطبراني، ابن سعد، ابن أبي شيبة، أحمد، البغوي، أبو نعيم، البزار، البيهقي، السخاوي ........
بل حكمها كما قال الإمام السيوطي ونقل عنه ذلك الأئمة الأعلام على سبيل التأييد لكلامه، قال:" ولم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف المنع من جواز عد الذكر بالسبحة بل كان أكثرهم يعدونه بها ولا يرون ذلك مكروها ا. هـ
ومن العجب أيضاً ومما يؤسف ونعتذر إلى الله تعالى منه:أن أحد طلبة العلم الصغار غفر الله لنا وله، يطعن في هؤلاء العلماء الأجلاء ويقول:" ليس لنا شأن بكلام هؤلاء العلماء إنهم ينقلون من بعضهم البعض، بدون تحقيق "!!!
انظر ولا حول ولا قوة إلا بالله في مثل هؤلاء يقال هذا؟!، مع أنه في نفس الوقت يستدل بكلام من هو دونهم بكثير في العلم والعمل والورع والتقوى والقرب من الله تعالى بدون دليل! حتى أن أحدهم يقول أن فلاناً من الأحياء الصغار أعلم من شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- وإنا لله وإنا إليه راجعون، نسأل الله أن يغفر لنا ولهم.
¥