تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بدليل ماسام به بني إسرائيل من العذاب المبين.

وقطع مجلس الشورى عند فرعون رأيه وأبرم في النازلة حكمة لأنه فوَّض

إليهم ذلك بقوله] فَمَاذَا تَأْمُرُونَ [(الأعراف: 110) وليس له من الأمر شيء

سوى تنفيذ أعمالهم، والعمل بما يشيرون بخلاف مجلس الشورى عند ملكة سبأ فلم

يزيدوا على أن عرضوا عليها رأيهم بطريق التلويح حين] قَالُوا نَحْنُ أُوُلُو قُوَةٍ

وَأُوْلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ [(النمل: 33) يشيرون إلى اختيار الحرب ثم أوكلوا الأمر إليها

بقولهم] وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ [(النمل: 33) لأنها لم تفوض إليهم

الحكم في القضية وإنما طلبت منهم أن يصرَّحوا بآرائهم ويبوحوا بأفكارهم فقط بدليل

قولها] مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ [(النمل: 32) أي إلا بمحضركم وقولها

] أَفْتُونِي فِي أَمْرِي [(النمل: 32) أي اذكروا ما تستصوبون فيه، ولأنها زيفت

رأيهم وأشعرتهم بأنها ترى الصلح مخافة أن يتخطى سليمان عليه السلام حدودهم

فيسرع إلى إفساد ما يصادمه من أموالهم وعماراتهم فقالت] إِنَّ المُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً

أَفْسَدُوهَا [(النمل: 34).

لا تكون قاعدة الشوري من نواصر الحرية وأعوانها إلا إذا وُضِعَ حجرُها

الأول على قصد الحنان والرأفة بالرعية، وأما المشاركة في الرأي وحدها ولا سيما

رأي من لا يطاع فلا تكفي في قطع دابر الاستبداد.

وأهم فوائد المشورة تخليص الحق من احتمالات الآراء وذهب الحكماء من

الأدباء في تصوير هذا المغزى وتمثيله في النفوس إلى مذاهب شتّى قال بعضهم:

إذا عنَّ أمر فاستشر فيه صاحبا وإن كنت ذا رأي تشير على الصحب

فإني رأيت العين تجهل نفسها وتدرك ما قد حلَّ في موضع الشهب

وقال غيره:

أقرن برأيك رأي غيرك واستشر فالحق لا يخفى على الاثنين

والمرء مرآة تريه وجهه ويرى قفاه بجمع مرآتين

وقال آخر:

الرأي كالليل مُسْوَدٌّ جوانبه والليل لا ينجلي إلا بمصباح

فاضمم مصابيح آراء الرجال إلى مصباح رأيك تزدد ضوء مصباح

ولا يدخل في وهم امرئ سمع قولهم (إنما العاجز مَن لا يستبد) إنَّ اقتداءه

بسنة الشورى يشعر الناس بعجزه وحاجته إليهم فتسقط جلالته من أعينهم ويفوته

الفخر بالاستغناء عنهم؛ فإن الناصح الأمين لا تجده يجعل الفخار محورًا يدير عليه

سياسته فيلقي له بالاً وإنما يبني أعماله على مصالح يجلبها أو مفاسد يدرؤها ومَن

كان يريد التمجيد والثناء فنعته بعدم الانفراد بالرأي أفخر لذكره وأشرف لسياسته من

وصفه بصفة الاستبداد، قال تعالى في الثناء على الأنصار] وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ

وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [(الشورى: 38) أي لا ينفردون برأي

حتى يجتمعوا عليه، وروى أن هذا دأبهم من قبل الإسلام ولعله هذا هو الوجه في

مخالفة أسلوب الوصف به لما قبله وما بعده حيث أورد في جملة اسمية للدلالة على

الثبوت والاستمرار.

ومن فوائدها استطلاع أفكار الرجال ومعرفة مقاديرها فإن الرأي يمثل لك عقل

صاحبه كما تمثل لك المرآة صورة شخصه إذا استقبلها.


(1) بقلم الشيخ محمد الخضر بن الحسين من العلماء المدرسين بجامعة الزيتونة بتونس في مسامرته
(الحرية في الإسلام).

((مجلة المنار ـ المجلد [13] الجزء [2] صـ 120 صفر 1328 ـ مارس 1910))

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[13 - 03 - 05, 05:15 م]ـ
أطوار اللغة العربية
لم يأت الباحثون عن مبدأ اللغة في أدلتهم بما تطمئن إليه النفوس ويحل منها
محل القطع أو الظن القريب منه، على أن اختلافهم في تعيين الواضع هل هو الله
تعالى أو البشر مما لا تترتب عليه فائدة في العمل تقتضي العناية بترجيح أحد
المذهبين، ومِن ثَمّ صحح المحققون أن إدخال هذه المسألة في علم الأصول من
الفضول، وزعم بعضهم أن قلب الألفاظ التي يؤدي تغييرها إلى فساد في أحكام
الشريعة كتسمية الثوب فرسًا والفرس ثوبًا يرجع حكمه إلى أصل ذلك الخلاف
فيمتنع القلب على القول بأن اللغة كلها وقعت بتعليم مِن الله ويجوز على القول بأنها
وضعت باصطلاح البشر وليس هذا البناء بمستقيم فإن مجرد إسناد الوضع إلى الله
تعالى، وإن ثبت بالحجة القاطعة لا يقتضي الوقوف عند حد ما ورد منه والإمساك
عن تغييره باصطلاح جديد.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير