تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و هذه الرواية سالمة من الانقلاب الذي في رواية الدراوردي، و إذا فسرت بالتفسير الصحيح المعروف بالمشاهدة من بروك البعير صارت موافقة لحديث وائل بن حجر – رضي الله عنه – قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، و إذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه) رواه أهل السنن. و قال الترمذي: حسن غريب. و صححه ابن خزيمة، و ابن حبان، و الحاكم. و قال الذهبي: على شرط مسلم.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: و لا يقدح فيه أن في سنده شريكاً القاضي و ليس بالقوي لأن مسلماً روى له فهو على شرطه. قلت و روى له البخاري في صحيحه تعليقاً. و لحديث وائل هذا شاهد من حديث أنس – رضي الله عنه – قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم انحط بالتكبير حتى سبقت ركبتاه يديه ". رواه الدارقطني، و الحاكم، و البيهقي. و قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين و لا أعرف له علة و لم يخرجاه. و أقره الذهبي في تلخيصه.

قال البخاري – رحمه الله تعالى – حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة لا يتابع عليه فيه محمد بن عبد الله بن الحسن. قال: و لا أدري سمع من أبي الزناد أم لا. و قال الخطابي: حديث وائل بن حجر أثبت من هذا. يشير إلى ما رواه الدراوردي، عن محمد بن عبد الله بن الحسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة – رضي الله عنه -. و قال الترمذي: و العمل عليه – يعني حديث وائل – عند أكثر أهل العلم يرون أن يضع الرجل ركبتيه قبل يديه و إذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه.

و قال الإمام أحمد – رحمه الله – في كتاب الصلاة: و خصلة قد غلبت على الناس في صلاتهم و قد يفعله شبانهم و أهل القوة و الجلد منهم ينحط أحدهم من قيامه للسجود و يضع يديه على الأرض قبل ركبته و إذا نهض من السجود أو بعد ما يفرغ من التشهد يرفع ركبتيه من الأرض قبل يديه و هذا خطأ و خلاف ما عليه الفقهاء، و إنما ينبغي له إذا انحط من قيامه للسجود أن يضع ركبتيه على الأرض ثم يديه ثم جبهته بذلك جاء الأمر عن النبي صلى الله عليه و سلم فأمروا بذلك و انهوا من رأيتم يفعل ذلك انتهى.

و قد روى حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – مستقيم المتن على وفق ما جاء في حديث وائل و أنس - رضي الله عنهما – و لكن إسناده ضعيف. فروى البيهقي من طريق إبراهيم بن موسى، عن محمد بن فضيل، عن عبد الله بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه و لا يبرك بروك الجمل). قال البيهقي: و كذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن محمد بن فضيل إلا أن عبد الله بن سعيد المقبري ضعيف.

قلت: و رواه الترمذي في جامعه تعليقاً، و قال فيه عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه و سلم. قال: و عبد الله بن سعيد المقبري ضعفه يحيى بن سعيد القطان و غيره انتهى.

و يتأيد حديث عبد الله بن سعيد بما تقدم عن وائل، و أنس رضي الله عنهما، و يؤيده أيضاً ما رواه أبو داود في سننه بإسناد جيد عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة. و في لفظ نهى أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة.

قال ابن القيم – رحمه الله تعالى: و لا ريب أنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه اعتمد عليهما فيكون قد أوقع جزءاً من الصلاة معتمداً على يديه بالأرض، و أيضاً فهذا الاعتماد بالسجود نظير الاعتماد في الرفع منه سواء فإذا نهى عن ذلك كان نظيره كذلك انتهى.

فإن قيل إن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا رفع رأسه من السجود من السجدة الثانية جلس و اعتمد على الأرض رواه البخاري من حديث مالك بن الحويرث – رضي الله عنه – و ظاهر هذا الحديث أنه معارض لما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

فالجواب أن يقال ليس هذا مما نحن فيه فإن هذه الجلسة تسمى جلسة الاستراحة و من اعتمد على الأرض إذا أراد أن يقوم من هذه الجلسة فإنما يعتمد بيديه و هما بحذاء جنبه لا من أمامه فلا يكون متشبهاً بالبعير حال قيامه.

قال العيني في شرح البخاري: فيه بيان الكيفية بأن يجلس أولاً ثم يعتمد ثم يقوم. قال الفقهاء يعتمد كما يعتمد العاجن للخمير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير