تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيُّها المبتدئُ ... إيّاكَ و " المُحَلّى "!!

ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[09 - 09 - 02, 08:08 ص]ـ

الإمام الحافظ أبو محمد ابن حزم الأندلسي أحدُ بحور العلم الزاخرة، لا يرتابُ منصِفٌ في فضلهِ وعلمِهِ، فَلَقد كان نادِرةً من نوادر الدهر، والمتأمّلُ في كتاباتِهِ لا يملكُ إلاّ أن يقِف مشدوها أمام تلك العبقريّة الفَذّة.

وكانَ هذا الأندلُسي أنموذَجا نادراً في الجُرأةِ العلميّة، إذ عَاشَ حياتَهُ يصولُ ويجولُ غيرَ عابئٍ بخِلافِ أحدٍ أو وِفاقِهِ، وقامَ بين ظَهراني متعصّبة المذاهبِ رافعاً عقيرتَه في نَسفِ ما يَراهُ مخالفاً للدليل، حتّى أزعج خُصومَهُ بقوّة حُجَجه و سَعةِ علومِهِ، ممّا اضطرّهم إلى نفيهِ وإحراق كتبِهِ، لكنّهُ بقي يناضلُ ويجادلُ حتّى لَقيَ ربّهُ.

وقد كان ممّا يُكدّرُ صفوَ (رَوائعِ أبي محمّد): ما كانَ يتميّز بهِ من شراسةٍ في الأسلوب، وسَلاطةٍ في اللسان حتّى قُرِن لِسانُهُ بسيفِ الحجّاج، وكان في طريقتِهِ مع مخالِفيهِ (يصك من عارضه صك الجندل وينشقه إنشاق الخردل) .. وتلك سِمَةٌ ظاهرةٌ على كتاباتِهِ لا سيّما كتابَهُ الأعجوبة "المحلّى"، فإنّهُ نالَ من ذلك النصيب الأوفرَ والقِدحَ المُعَلّى، إذ اشتَملَ على قسوةٍ في الردّ غيرُ معهودةٍ عن أهل العلمِ، ممّا حَملَ كثيراً من الطَلَبةِ على الإعراضِ عن القراءةِ فيهِ لِكونهِ شديد اللهجةِ في نقد أئمّتهم ـ على الجميعِ رَحمةُ الله ـ 0

وقد حَذّرَ جماعةٌ من المشايخِ والمؤدّبين من أن يقرأ المبتدئُ في مؤلّفاتِ ابن حزمٍ لا سيّما " المُحَلّى "، وهي منهم نصيحةٌ في مَحلّها فإنّ الأدبَ مع أهل العلمِ يقتضي ذلك، فإذا ما أتقنَ الطالبُ التأدّبَ مع أهلِ العلمِ فلا حَرجَ حينئذٍ من الاستفادة من ذلك الكتاب على حَذَرٍ من شُذوذاتٍ وغرائبَ وَقَعَ فيها أبو محمّد رحمه الله تعالى.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير